تشهد تونس مرحلة جديدة من التحولات المهمة وخاصة في مواجهة جماعة الإخوان الإرهابية التي أزيحت عن الحكم منذ قرارات يوليو لعام 2021م، فقد أصدرت محكمة تونسية أحكامها بالسجن على مجموعة من المتهمين في قضية التآمر على أمن البلاد، والتي تضم عدة أسماء من قيادات حركة النهضة الإخوانية، بينما أفرجت عن المحامية سنية الدهماني.
ويبدو أن المحاكمات القضائية التي تواجهها قيادات الإخوان وبعض الأصوات المعارضة في تونس شجع الاتحاد الأوربي وبعض البلدان للتعليق على ملف الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وهو ما رفضه بشدة الرئيس التونسي قيس سعيد.
رفض التدخلات السافرة
ونقلا عن وسائل إعلام محلية، الجمعة الماضية، فقد أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال لقائه بوزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي، أنّ تونس على دراية كاملة بجدول أعمال البرلمان الأوروبي واجتماعاته، معتبرا أن ما يتضمّنه من مناقشات بشأن الشأن التونسي يُعدّ تدخلا سافرا في السيادة الوطنية.
وشدّد رئيس الدولة على أن تونس قادرة على تقديم الدروس في مجال الحقوق والحريات، داعيا الأطراف الأوروبية إلى التخلّص من "العقلية القديمة" التي تتعامل مع تونس وكأنها تتلقى التعليمات، مؤكدا أنّ من يريد التقييم والنصح عليه أولا أن ينظر إلى تاريخ البلاد وإرادة شعبها. مشيرا إلى أنّ القرارات السيادية المتخذة في تونس تونسية خالصة، وأن اختيار هذا التاريخ من قبل بعض الأطراف الخارجية كان "مرتّبا له"، لكنّ القضاء أصدر قراره في اليوم ذاته، مؤكدا أن من يسعى للتحدي سيجد الرد بالمثل.
لوبيات تأجيج الوضع الداخلي
وفي ذات السياق، فإن سعيد يعطي تعليمات للحكومة بضرورة الاستماع لنداء الشارع، والعمل على رفع الشكاوى بصورة جيدة، كي يمنع ما وصفها باللوبيات في تأجيج الوضع الداخلي، حيث عملت على مدار السنوات الماضية من تحريض التونسيين على الفوضى بصورة مستمرة، وهو ما تجاهله الشعب التونسي أمام هذه الدعوات التخريبية.
وقبل أيام، كان رئيس الجمهوريّة قد أكد لدى استقباله بقصر قرطاج، خالد النّوري وزير الدّاخلية على ضرورة مضاعفة الجهود في كامل أنحاء الجمهوريّة لرفع الفضلات التي تراكمت، مشيرا إلى أنّ هذا الوضع لا هو طبيعي ولا هو بريء، فالإمكانيات بشتّى أنواعها متوفّرة ولكن التّنفيذ مفقود.
ووفقا لبيان صادر عن الرئاسة التونسية، فإن "سعيد" قد ذكّر الوزير بأنّ التونسيّين حين بادروا بأنفسهم بعمليات تنظيف عقب انتخابات 2019 تحرّكت لوبيات لإحباط تلك الحملة التاريخيّة، وقد تصالح التونسيّون في تلك الأيّام مع الفضاء العام وصاروا يشعرون بأنّهم يمتلكون جزءا منه على الشّياع، أمّا اليوم فهذه اللوبيّات التي يجب القضاء عليها تتحرّك بهدف تأجيج الأوضاع ولا يمكن أن يتواصل الوضع على ما هو عليه سواء تعلّق الأمر بالفضلات المنزليّة أو بأكداس فواضل البناء التي انتشرت في كلّ مكان.
وأسدى رئيس الجمهوريّة تعليماته بالعمل فورا على تطبيق القانون على كلّ من تهاون في القيام بمسؤوليّاته موضّحا أنّ التونسيّين سيتصالحون مجدّدا مع الفضاء العام لأنّهم يُريدون تونس نظيفة ناصعة خالية من شتّى أنواع الأدران.
قضية التآمر على أمن الدولة
وكانت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بتونس ، الجمعة، أصدرت حكما نهائيا في حق المتهمين في قضية ما يعرف بالتآمر على أمن الدولة.
وتراوحت الأحكام السجنية الصادرة في حق الموقوفين منهم، وفق ما أفاد به مصدر قضائي لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، بين 10 أعوام و45 عاما سجنا، فيما قضي في شأن متهم موقوف بعدم سماع الدعوى.
أما المتهمون بحالة سراح فقد تراوحت الأحكام بين 5 أعوام سجنا و35 عاما، فيما قضي في شأن متهمين اثنين بعدم سماع الدعوى.
وبالنسبة للمتهمين بحالة فرار فقد قضت المحكمة بإقرار العقوبات السجنية المحكوم بها ابتدائيا في حقهم (33 عام مع النفاذ العاجل) مع الترفيع فيها بالنسبة لبعضهم (43 عاما مع النفاذ العاجل). كما تم الحكم في حق بعض المتهمين إضافة إلى العقوبات السجنية بخطايا مالية متفاوتة المبالغ ومصادرة الأموال الراجعة لهم المودعة بالحسابات المفتوحة بالمؤسسات المالية التونسية.
وقضية التآمر على أمن الدولة هي ملف قضائي يَتهم فيه عدد من الأفراد من سياسيين، محامين، ناشطين، ودعاة، بأنهم "تآمروا على أمن الدولة الداخلي والخارجي، أي خرقوا أمن واستقرار الدولة عبر ما يُعتبر تخطيطاً لإسقاط النظام أو “التخابر مع جهات أجنبية، أو تشكيل تنظيم إرهابي.
وتضم القضية نحو 40 أسما بينهم قيادات بارزة من حركة النهضة الإخوانية، وتجاوز التهم التآمر، ففي بعض الصيغ تتضمن اتهامات مثل الانتماء إلى تنظيم إرهابي، التجسس، أو نشر فكر تخريبي حسب ما ورد في ملف التحقيق.
قضية التسفير
وفي ذات السياق، قررت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس تأجيل النظر فيما يعرف بقضية " التسفير 2" إلى شهر يناير المقبل مع رفض جميع مطالب الإفراج المقدمة في حق عدد من المتهمين الموقوفين.
وكانت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف بتونس قررت إحالة 8 أشخاص صحبة عدد من الجمعيات الخيرية ووكالات أسفار على أنظار الدائرة الجنائية لقضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس وذلك لمحاكمتهم من أجل تهم تتعلق بالانضمام عمدا بأي عنوان كان داخل تراب الجمهورية وخارجه إلى تنظيم وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية واستعمال تراب الجمهورية التونسية وتراب دولة أجنبية لانتداب وتدريب أشخاص ومجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب احدى الجرائم الإرهابية داخل تراب الجمهورية وخارجه.
يشار إلى أن قيادات حركة النهضة الإخوانية تواجه العديد من الأحكام القضائية التي تدينهم في عدد من الاتهامات، من بينها تبييض أموال، والتآمر على الدولة، وتغيير هيئتها، ودعم جماعات إرهابية، كما جرى في وقت سابق احتجاز نائبي الغنوشي: علي العريض رئيس الحكومة الأسبق، ونور الدين البحيري وزير العدل الأسبق، في هذه التهم بالإضافة لمنح جوازات سفر لأشخاص بطريقة غير قانونية، وتسفير الشباب إلى مناطق ملتهبة بالصراعات وبؤر إرهابية. وكانت السلطات الأمنية التونسية قد أوقفت على ذمة هذه القضايا رجال أعمال ودعاة وقيادات بالصف الأول من حركة النهضة الإخوانية.










0 تعليق