قانون قيصر .. في تطور مفاجئ على الساحة الدولية، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية مساء اليوم تعليق العمل مؤقتًا بـ عقوبات قانون قيصر المفروضة على سوريا، في خطوة وُصفت بأنها تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية متعددة، خاصة مع تزامنها مع اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والسوري أحمد الشرع في البيت الأبيض.
وأوضحت الخزانة الأمريكية في بيان رسمي أن قرار تعليق العقوبات لا يشمل جميع الأنشطة الاقتصادية أو التحويلات المالية المرتبطة بدمشق، مشيرة إلى أن التعليق يستثني المعاملات التي تشمل روسيا وإيران، نظرًا لاستمرار العقوبات الأمريكية الواسعة المفروضة على هاتين الدولتين بسبب "أنشطتهما المزعزعة للاستقرار" – وفق نص البيان.
يُذكر أن قانون قيصر دخل حيّز التنفيذ عام 2020، بهدف فرض عزلة اقتصادية على الحكومة السورية ومعاقبة كل من يتعاون معها اقتصاديًا أو سياسيًا، وذلك في إطار الضغط لإنهاء الصراع الداخلي المستمر منذ أكثر من عقد. وقد أدت العقوبات إلى تقييد كبير في حركة الاقتصاد السوري، وتراجع قيمة العملة المحلية، مما انعكس على معيشة المواطنين في الداخل السوري.
ويرى محللون أن الخطوة الأمريكية الأخيرة تمهد لمرحلة جديدة من الحوار السياسي بين دمشق وواشنطن، وربما تعكس رغبة أمريكية في اختبار الانفتاح الاقتصادي المشروط على سوريا، خصوصًا في ظل التحولات الإقليمية الأخيرة ومساعي بعض الدول العربية لإعادة دمج دمشق في محيطها الدبلوماسي.
وتأتي هذه التطورات بينما تتابع الأسواق العالمية ومراكز الدراسات بترقب تأثير هذا القرار على الاقتصاد السوري وعلى العلاقات الأمريكية الروسية والإيرانية، خاصة أن واشنطن لا تزال تؤكد تمسكها بـ«مبادئ قانون قيصر» كأداة ضغط أساسية في الملف السوري.
بذلك، يبدو أن تعليق العقوبات ليس تراجعًا كاملاً، بل إشارة سياسية محسوبة تُرسلها الإدارة الأمريكية في لحظة حساسة، توازن فيها بين الرسائل الدبلوماسية والانفتاح المشروط من جهة، والقيود الاستراتيجية على موسكو وطهران من جهة أخرى.
جذور قانون قيصر
تعود جذور قانون قيصر إلى عام 2020، حيث صُمم كأداة ضغط على الحكومة السورية لوقف انتهاكات حقوق الإنسان خلال النزاع المستمر منذ 2011. استهدفت العقوبات بشكل رئيسي الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، وفرضت قيودًا صارمة على تحويل الأموال والتجارة مع دمشق، ما أثر بشكل مباشر على الاقتصاد السوري واستقرار العملة المحلية. وقد أثارت العقوبات ردود فعل دولية متباينة، حيث رأت بعض الدول أنها أسهمت في تفاقم معاناة المدنيين، بينما اعتبرتها واشنطن أداة أساسية للضغط السياسي.
في الوقت نفسه، يعكس تعليق العقوبات مؤقتًا رغبة الإدارة الأمريكية في فتح قنوات الحوار الدبلوماسي والسياسي مع دمشق، دون التنازل عن استراتيجيتها تجاه روسيا وإيران. وتأتي هذه الخطوة ضمن سياق أوسع من التوازنات الإقليمية، حيث تسعى واشنطن لموازنة المصالح الاقتصادية والسياسية، وإرسال إشارات إيجابية إلى المجتمع الدولي، خاصة الدول العربية، حول إمكانية عودة سوريا تدريجيًا إلى المحافل الدبلوماسية بشرط الالتزام ببعض الشروط الدولية.















0 تعليق