يُعد حجم نهاية الانبساط أحد المؤشرات الأساسية التي يعتمد عليها الأطباء لفهم كيفية عمل القلب بدقة، فهذا المفهوم يشير ببساطة إلى كمية الدم التي تبقى داخل البطين قبل أن يبدأ بالانقباض مجددًا، وهو رقم صغير في الشكل، كبير في تأثيره الطبي، فمن خلاله يمكن تقدير حجم النبضة، وحساب الكسر القذفي، والتعرف على حالة القلب الوظيفية.
ما المقصود بحجم نهاية الانبساط؟
عندما يكتمل انبساط القلب وترتخي عضلاته، تمتلئ حجراته الأربع الأذينان والبطينان بالدم، وفي اللحظة التي تسبق الانقباض مباشرة، يبقى داخل البطين كمية محددة من الدم، تُعرف بحجم نهاية الانبساط، سواء في البطين الأيمن أو الأيسر.
القلب في عمله يشبه مضخة دقيقة للغاية، يدخل الدم منخفض الأكسجين إلى الأذينة اليمنى، ومنها إلى البطين الأيمن الذي يدفعه نحو الرئتين ليُعاد تزويده بالأكسجين، وعندما يعود الدم المحمل بالأكسجين، ينتقل إلى الأذينة اليسرى ثم البطين الأيسر الذي يضخه إلى الشريان الأبهر، وهو الطريق الأساسي لتغذية أعضاء الجسم كافة.
كيف يفيد هذا المؤشر الأطباء؟
يسمح هذا القياس بتقدير مدى امتلاء البطين قبل الانقباض، وهو عامل رئيسي في فهم أداء القلب. ويستعين الأطباء لقياسه بعدد من الفحوص:
• تخطيط صدى القلب: فحص غير باضع يعتمد على الأمواج فوق الصوتية لرسم صورة واضحة لحركة عضلات القلب وتدفق الدم داخله.
• قسطرة القلب الأيسر: إجراء أدق يتضمن إدخال قسطرة عبر أحد الأوعية الكبرى إلى القلب لقياس الضغوط ونسبة الأكسجين داخل حجراته.
عادة ما يركز الأطباء على البطين الأيسر في هذا السياق، لكونه المسؤول عن ضخ الدم إلى سائر الجسم. ومن خلال قراءة حجم نهاية الانبساط يمكن حساب عدة مؤشرات مهمة:
الحمل القبلي للقلب
يُستخدم حجم نهاية الانبساط لتقدير درجة تمدد ألياف البطين قبل تقلصها، ورغم أن الحمل القبلي لا يمكن قياسه بشكل مباشر، فإن حجم نهاية الانبساط يعد أفضل وسيلة لتقديره، خصوصًا في تقييم كفاءة القلب.
حجم النبضة
يقاس حجم النبضة باعتباره كمية الدم التي يضخها القلب في كل ضربة، ويُحسب من خلال الفرق بين حجم نهاية الانبساط وحجم نهاية الانقباض.
القيم الطبيعية لحجم النبضة تختلف باختلاف العمر، وبحسب دراسة منشورة عام 2017 جاءت الحدود كالآتي:
• من 18 إلى 29 عامًا: بين 48.2 و114.3 مليلتر.
• من 30 إلى 59 عامًا: بين 39.1 و98.5 مليلتر.
• فوق 60 عامًا: بين 39.7 و115.3 مليلتر.
الحمل القذفي
الحمل القذفي هو النسبة المئوية للدم الذي ينجح البطين الأيسر في ضخه مقارنة بحجم نهاية الانبساط. وعادةً يتراوح المعدل الطبيعي بين 50% و70%، وفقًا لتقديرات الجمعية الأمريكية للقلب، ويُستخدم هذا القياس بشكل أساسي في تشخيص حالات الفشل القلبي.
ما الذي قد يغير حجم نهاية الانبساط؟
بعض المشكلات الصحية تؤثر مباشرة على هذا الحجم، وأبرزها:
اعتلال عضلة القلب
يطلق هذا المصطلح على مجموعة واسعة من الاضطرابات التي تصيب عضلة القلب، قد يصبح الجدار أكثر ثخانة، أو يفقد مرونته، أو يتضخم حجمه، هذه التغيرات تجعل ضخ الدم أقل كفاءة، ما يرفع خطر اضطرابات النظم القلبي والفشل القلبي.
في حالات مثل الاعتلال التمددي، يتوسع البطينان ويزداد حجمهما، ما يؤدي إلى ارتفاع حجم نهاية الانبساط، أما الاعتلال الضخامي فيجعل جدران القلب أكثر ثخانة، ويعوق مرور الدم خارج البطين الأيسر، الأمر الذي ينعكس أيضًا على قيمة هذا الحجم.
ارتجاع الصمام التاجي
عندما لا يغلق الصمام التاجي بإحكام، يعود جزء من الدم إلى الأذينة اليسرى، فيضطر الأذين إلى التوسع ليستوعب هذا الرجوع. وقد يترتب على ذلك مشاكل مثل الرجفان الأذيني واضطراب نظم القلب والجلطات والفشل القلبي.
الخلاصة
يبقى حجم نهاية الانبساط أحد أهم الأدوات التي يعتمد عليها الأطباء لتقييم قوة القلب وكفاءته، فهو مفتاح حساب حجم النبضة والحمل القذفي، ويقدّم صورة دقيقة عن أداء البطين الأيسر تحديدًا. وتساعد معرفته على كشف تأثير مشكلات صحية مثل اعتلال عضلة القلب وارتجاع الصمام التاجي، ما يجعله عنصرًا أساسيًا في التشخيص القلبي الحديث.









0 تعليق