تنبؤات عمرها قرن.. أصبحت اليوم جزءًا من حياتنا

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في وقت تتسارع فيه الابتكارات بوتيرة غير مسبوقة، تبدو بعض ملامح حاضرنا وكأنها امتداد لأحلام قديمة دونها علماء ومخترعون قبل مئة عام،؟ورغم أن الكثير من توقعات الخيال العلمي في مطلع القرن العشرين مثل استعمار الفضاء الواسع أو انتشار الخدم الآليين في المنازل ما زالت مؤجلة، فإن توقعات أخرى وُصفت آنذاك بالجرأة أصبحت واقعًا يوميًا نعيشه.

من بين أبرز الأسماء التي برزت في ذلك الزمن البعيد:

يأتي المخترع البريطاني أرتشيبالد مونتغمري لو، الرجل الذي وُلد في لندن عام 1888 وترك بصمات واضحة في مسار التكنولوجيا الحديثة، ورغم أنه لم يحمل لقب “بروفيسور” رسميًا، فإن إنجازاته العلمية كانت كفيلة بمنحه هذا الاعتبار، فقد ابتكر في عام 1914 نموذجًا أوليًا للتلفزيون، وتبع ذلك ابتكار أول طائرة بلا طيار خلال الحرب العالمية الأولى، وهو اختراع لم يكن أحد يتخيل آثاره الممتدة على مستقبل الطيران العسكري والمدني.

ولُقب لو في زمانه بـ “أبو أنظمة التوجيه اللاسلكي” تقديرًا لدوره الذي أرسى أساس التقنيات اللاسلكية الحديثة، ولم يكتفِ بالاختراع، بل كان كاتبًا متابعًا للشأن العلمي، ينشر مقالاته في الصحافة البريطانية متوقعًا ملامح العالم في المستقبل، وفي عام 1925، جمع رؤيته تلك في كتاب أسماه “المستقبل”، تخيل فيه شكل الحياة بعد قرن كامل، أي في عام 2025.

باحثو موقع Findmypast عادوا مؤخرًا إلى تلك الأرشيفات، ليجدوا أن عددًا من توقعات لو كان لافتًا بدقته، فقد تحدث مثلًا عن هواتف “تطلب الرقم الصحيح تلقائيًا”، في وقت كان الناس يعانون فيه من أخطاء الاتصال عبر الهواتف الدوارة، ومع أن المصطلح لم يكن موجودًا، إلا أن وصفه يقترب كثيرًا من مفهوم الهواتف الذكية اليوم.

وتناول لو أيضاً فكرة الأرصفة المتحركة بوصفها جزءًا من أسلوب التنقل المستقبلي وهو أمر بات مألوفًا في المطارات والمراكز التجارية، كما توقع أن آلة التلفزيون ستحل تدريجيًا محل الصحف المصورة، وأن الأخبار ستصل للناس على هيئة صوت مباشر، وهي رؤية تكاد تطابق ظهور الراديو ثم التلفزيون الإخباري لاحقًا.

ومن بين توقعاته التي تحمل طابعًا عمليًا، حديثه عن منبهات لاسلكية توقظ الناس دون الحاجة للأسلاك التقليدية، ورغم مبالغته الطريفة في اقتراح أن الجميع سيستيقظ عند التاسعة والنصف صباحًا، فإن فكرة الأجهزة الذكية في المنازل أصبحت اليوم أمرًا واقعيًا، كما أشار بدقة إلى مستقبل الطاقة المتجددة، متوقعًا استغلال قوة الرياح والمد والجزر، وهو ما يشكل اليوم أحد أعمدة حلول الطاقة حول العالم.

ولم يكن لو وحده من تنبه إلى مستقبل الطاقة النظيفة، فقد أظهر أرشيف يعود لعام 1923 أن العالم جي.بي.إس. هالدين توقع أن تُغطى بريطانيا بتوربينات توفر كهرباء عالية الجهد. ورغم دقته في هذا الجانب، فقد أخطأ عندما تخيل أن صناعة الأطفال في المختبرات ستصبح أمرًا شائعًا بحلول 2023.

ومثل أي عالم أو مفكر، لم تكن توقعات لو ناجحة جميعها، فقد ظن أن العالم سيعتمد على ملابس مصنوعة من اللباد الصناعي وأنها ستكون الخيار السائد للجميع، وهو أمر لم يحدث. لكنه في المقابل اقترب كثيرًا من الحقيقة عندما تحدث عن الخدمات المصرفية الإلكترونية، بل وأشار إلى أن التكنولوجيا ستمنح المجرمين أدوات متطورة لارتكاب الجرائم وهي رؤية تنسجم مع تحديات الأمن السيبراني اليوم.

أما أغرب توقعاته، فكان حديثه عن نظارات تسمح لمشاهدي السينما باختيار الفيلم الذي يريدون متابعته، ورغم أن الفكرة لم تتحقق حرفيًا، فإن انتشار تقنيات الواقع الافتراضي يعكس جوهر ما كان يتصوره.

تمر السنوات وتتغير التقنيات، لكن قراءة ما كتبه هؤلاء الرواد قبل قرن تجعلنا ندرك أن المستقبل الذي نمضي نحوه اليوم، كان في يوم من الأيام مجرد خيال على ورق… لكنه خيال لم يكن بعيدًا جدًا عن الحقيقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق