في هذا السياق، تتعامل دوائر متابعة مع التصريحات الصادرة في واشنطن باعتبارها جزءاً من إدارة المشهد أكثر مما هي مؤشّر نهائي على القرار. فالتجربة السابقة تُظهر أن الخطاب التصعيدي غالباً ما يُستخدم كأداة ضغط لدفع طهران نحو طاولة تفاوض بشروط أميركية محسّنة. غير أن معطيات متقاطعة تفيد بأن الإدارة الأميركية تترك الباب مفتوحاً أمام عمل عسكري محدود في حال تعثّر المسار التفاوضي، ما يفتح المجال أمام جولات تصعيد متدرّجة حتى وإن بقيت دون مستوى الحرب الشاملة.
بالتوازي، يبرز التزامن بين زيارة نتنياهو واندلاع تحرّكات احتجاجية في طهران مرتبطة بالوضع المعيشي، مع تصاعد أصوات معارضة تطالب بتغيير النظام. وتربط المصادر هذا التوقيت بنشاط خلايا تعمل على استثمار الضغط الاقتصادي والاجتماعي، بما يخدم مقاربة إسرائيلية ترى في اللحظة الراهنة فرصة مثالية لإعادة اختبار فرضية إسقاط النظام من الداخل، خاصة في ظل أزمة اقتصادية خانقة وتوتر إقليمي مفتوح.
من هنا، تكتسب القراءة الإسرائيلية بعداً أكثر اندفاعاً يقوم على الجمع بين ضربة عسكرية محتملة وضغط داخلي متزامن، وهي معادلة يعتبرها نتنياهو وصفة مكتملة لتحقيق أهدافه. في المقابل، حملت رسالة عضو المجلس الأعلى للدفاع الوطني في إيران، علي شمخاني، الصادرة بالتزامن مع لقاء ترامب- نتنياهو، دلالة واضحة على طبيعة العقيدة الدفاعية الإيرانية، حيث جرى التأكيد على أن الردود قد تبدأ قبل وصول التهديدات إلى مرحلة التنفيذ، مع التشديد على جاهزية قائمة وقدرات متماسكة، ما يعني أن أي ضربة محتملة ستفتح مساراً مفتوحاً على احتمالات تتجاوز الحسابات الإسرائيلية الضيقة.
في المحصّلة، يتقدّم المشهد الأميركي كمساحة لإدارة توازنات ورسائل محسوبة، حيث يُستخدم ما يُقال علناً ضمن دينامية ضغط سياسي أكثر منه تعبيراً عن قرار مكتمل. لذلك، تبدو أي قراءة حاسمة سابقة لأوانها في ظل تشابك عوامل داخلية وإقليمية تتحكّم بما يمكن أن يصل إليه التفاهم بين ترامب ونتنياهو. ومع ذلك، يظل ملف إيران الأكثر حضوراً في خلفية النقاشات، فيما يظهر إصرار نتنياهو على إبقا













0 تعليق