نجحت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني خلال عامي 2024 و2025 في التعامل مع أحد أكثر التحديات تعقيدًا داخل منظومة التعليم، والمتمثل في عجز أعداد المعلمين، من خلال اتباع منهج علمي قائم على البيانات والتحليل الواقعي لاحتياجات المدارس في مختلف المحافظات والمراحل التعليمية.
وجاء هذا التوجه في إطار خطة إصلاح شاملة تستهدف تحقيق الاستقرار داخل المدارس وتحسين جودة العملية التعليمية دون اللجوء إلى حلول مؤقتة أو تقليدية.
واعتمدت الوزارة في معالجة هذا الملف على إنشاء قواعد بيانات دقيقة لرصد أعداد المعلمين وتخصصاتهم وتوزيعهم الجغرافي، بما أتاح إعادة توزيع المعلمين بين المدارس والإدارات التعليمية بصورة عادلة ومتوازنة، تضمن سد الفجوات الفعلية في التخصصات والمناطق الأكثر احتياجًا، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد البشرية المتاحة داخل المنظومة التعليمية.
وبالتوازي مع إعادة التوزيع، عملت الوزارة على زيادة القدرة التعليمية داخل المدارس من خلال حزمة من الإجراءات الداعمة، أبرزها زيادة مدة العام الدراسي من 23 أسبوعًا إلى 31 أسبوعًا، وزيادة زمن الحصة الدراسية بمقدار خمس دقائق، بما أسهم في تحسين نواتج التعلم، وإتاحة وقت أكبر للتفاعل داخل الفصل، وتخفيف الضغوط الناتجة عن العجز في بعض التخصصات.
وأسفرت هذه الإجراءات المتكاملة عن تحقيق توازن فعلي في توزيع المعلمين بمختلف المواد الدراسية، بما انعكس على عدم وجود أي نسبة عجز في معلمي المواد الأساسية على مستوى الجمهورية، في سابقة تعكس نجاح التخطيط القائم على البيانات واتخاذ القرارات المبنية على واقع الميدان.
وفي هذا السياق، واصلت الوزارة تنفيذ المبادرة الرئاسية لتعيين 30 ألف معلم سنويًا، باعتبارها أحد المحاور الاستراتيجية طويلة الأمد لسد العجز وضمان ضخ دماء جديدة في المنظومة التعليمية بشكل منتظم.
وجرت هذه التعيينات وفقًا لاحتياجات كل محافظة والتخصصات المطلوبة، بما يحقق العدالة في توزيع الكوادر التعليمية ويضمن استدامة الحلول المطروحة.
كما فعّلت الوزارة قانون مد الخدمة رقم 15 لسنة 2024، الذي يتيح مد الخدمة للمعلمين الذين بلغوا سن المعاش ولا يزالون قادرين على العطاء، بما يسمح بالاستفادة من خبراتهم التراكمية داخل المدارس، ويسهم في نقل الخبرة للأجيال الجديدة من المعلمين، فضلًا عن دوره في تقليل فجوة العجز وتحقيق استقرار العملية التعليمية.
وبالتوازي مع ذلك، توسعت الوزارة في التعاقد مع المعلمين بنظام الحصة، حيث تم التعاقد مع ما يقرب من 160 ألف معلم وفق احتياجات الإدارات التعليمية المختلفة، مع إعادة تنظيم أنصبة الحصص بما يضمن تعظيم الاستفادة من المعلمين المتعاقدين وتحقيق التوازن داخل الجداول الدراسية.
ويأتي هذا التحرك الشامل في إطار رؤية الوزارة التي تنظر إلى المعلم باعتباره الركيزة الأساسية للعملية التعليمية، وتؤمن بأن معالجة ملف العجز لا يقتصر على زيادة الأعداد فقط، بل يتطلب تخطيطًا علميًا وتوزيعًا عادلًا وتطويرًا مستمرًا لقدرات المعلمين، بما ينعكس بشكل مباشر على جودة التعليم داخل الفصول الدراسية.
ويعكس حصاد عام 2025 في ملف المعلمين أن ما تحقق لم يكن مجرد معالجة وقتية لأزمة مزمنة، بل يمثل تحولًا نوعيًا نحو إدارة رشيدة للموارد البشرية داخل التعليم، تقوم على البيانات والتخطيط طويل الأمد، وتدعم استقرار المدارس وتحسين نواتج التعلم، بما يتسق مع أهداف الدولة في بناء منظومة تعليمية حديثة ومستدامة.


















0 تعليق