Advertisement
ففي مرحلة اغتيال فؤاد شكر، كانت إسرائيل تتعامل مع ملف الاغتيالات كجزء من خطة عسكرية أوسع. كان شكر هدفاً مؤجلاً، تنتظر تل أبيب الظرف الأنسب للتحرك، ضمن سياق كانت تبحث فيه عن مدخل لإعادة تشكيل معادلة الردع أو كسر جزء منها. يومها، كانت المعادلة تُدار بخيوط دقيقة، وكان التوقيت هو المحور الأساسي. أي خطوة مرتبطة بشكر لم تكن معزولة عن نوايا تصعيدية أبعد، وقد رافقها في حينه تركيز إعلامي وسياسي كشف بوضوح أنّ الأجواء كانت تتجه نحو مرحلة أكثر حدة.
أمّا في الحدث الأخير، فالصورة مغايرة. ما جرى مع الطبطبائي يتّسم بطابع العملية السريعة التي تُتّخذ خلال ساعات، وفق ما ألمحت إليه وسائل الإعلام الإسرائيلية. لم يظهر أنّ العملية جزء من خطة تصعيدية متكاملة، بل بدت مرتبطة بفرصة استخبارية فورية توافرت لإسرائيل، فاستغلتها دون انتظار سياق عسكري أكبر. هذه السرعة في التنفيذ تكشف أن الدافع المباشر كان تقنياً – أمنياً أكثر منه استراتيجياً، وأن تل أبيب لا تتعامل مع العملية كإشارة لإطلاق مرحلة جديدة.
ويتّضح أيضاً أن إسرائيل اليوم لا تواجه القيود نفسها التي واجهتها قبل عملية اغتيال فؤاد شكر. في المرحلة السابقة، كانت تعيد حسابات الردع وتبحث عن حلول شاملة لكيفية إدارة أي ردّ محتمل من حزب الله. أما الآن، فهي تبدو أكثر استعداداً لتنفيذ عمليات مركّزة متى توافر “الهدف المناسب”، دون الحاجة لانتظار ظروف سياسية أو عسكرية خاصة. ومع ذلك، فإن هذا النوع من العمليات لا يشي تلقائياً بتكرار متسلسل ما لم تتوافر أهداف مشابهة بالمعنى الاستخباري.
وبالتالي، فإن اغتيال الطبطبائي لا يعني بالضرورة أنّ المنطقة على أبواب انفجار واسع، ولا يحمل الإشارات نفسها التي رافقت اغتيال شكر. ما حصل هو خطوة ذات طابع محدود، قاربتها تل أبيب كفرصة آنية أكثر من كونها جزءاً من مسار تصعيدي شامل. وهذا لا يلغي خطورة الحدث ولا تداعياته المحتملة، لكنه يضعه في حجمه الواقعي: عملية دقيقة وسريعة، لا تكفي وحدها للقول إن الحرب الشاملة باتت وشيكة.




0 تعليق