ماذا لو قرّر "حزب الله" الردّ على اغتيال طبطبائي؟

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
لم يكد حبر المبادرة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في ذكرى الاستقلال يجّف حتى ردّت إسرائيل، ولو بطريقة غير مباشرة، فاستهدفت قياديًا بارزًا في "حزب الله" هو هيثم طبطبائي، في الضاحية الجنوبية لبيروت تمامًا كما فعلت عندما استهدفت القيادي فؤاد شكر في المربع ذاته، قبل أن تقرّر الذهاب بعيدًا في خيار "الحرب الواسعة والشاملة"، التي انتهت باتفاق لوقف النار في 27 تشرين الثاني الماضي، أي قبل سنة وأربعة أيام من الآن.

Advertisement

بعض المحللين يرون أن الغارة التي استهدفت الضاحية الجنوبية أمس، تأتي في وقت حساس جدًا بالنسبة إلى إسرائيل، التي لم يعد أمام حكومتها متسعًا من الوقت لمواجهة تحولات إقليمية في سوريا وإيران. وبحسب هذه التحليلات، فإن الهدف من هذا الاعتداء قد لا يكون فقط تصفية طبطبائي، بل توجيه رسالة استراتيجية مفادها أن إسرائيل لن تتردد في استهداف القادة الكبار لـ "الحزب"، حتى وإن كانت معادلات وقف النار قائمة، ولو نظريًا.
وفي الاعتقاد أن استهداف طبطبائي جاء بناءً على معلومات استخباراتية عاجلة أتاحت لإسرائيل "الفرصة السانحة" لقيامها بهذا الاعتداء، الذي لم يكن عشوائيًا، بل نتيجة مراقبة دقيقة.
وحيال هذا الاعتداء الإسرائيلي الجديد تطرح أكثر من جهة علامة استفهام كبيرة بالنسبة إلى قدرة "حزب الله" على ضبط أعصابه، خصوصًا أن هذا الاستهداف بهذه الدقة، ومن دون إنذار مسبق، يضعه بعض المحللين في خانة "أعلى مستوى من التصعيد" منذ سنة تقريبًا.
في المقابل لم يخفِ المسؤولون الإسرائيليون، عدم استبعادهم لجوء "حزب الله" إلى ردّ مباشر حتى ولو كان من قبيل "حفظ ماء الوجه". واعتبروا أن تل أبيب تتحسب لهذا الردّ، وهي على جهوزية تامة لأي هجوم محتمل. وعلى أغلب الظن فإن اعتداء الضاحية قد يكون جزءًا من حسابات انتخابية داخلية لإفهام الجميع، في الداخل الإسرائيلي وخارجه، بأن إسرائيل لن تتهاون مع "حزب الله."
ما هو متوقع، وفق بعض التوقعات، أن "الحزب" إذا أراد الردّ فإن ردّه سيكون محدودًا ورمزيًا لإبلاغ الجميع بأن ردّه، أيّا كان حجمه، هو لكسر "معادلة الصمت"، التي حاولت إسرائيل فرضها عليه على مدى سنة كاملة.
أمّا إذا فضّل "حزب الله" عدم الردّ فقد يكون خياره استراتيجيًا، وذلك لعدم وقوعه في الفخّ الإسرائيلي. فتل أبيب أرادت من خلال هذا الاستهداف وضع "الحزب" أمام معادلة "الحرب والسلم"، وهو خيار تعرف "حارة حريك" أنه حمّال أوجه كثيرة. فإذا ردّ "الحزب" فإنه يكون كمن يعطي العدو ذريعة، وإن لم يكن في حاجة ماسة إليها لشن حرب واسعة على لبنان. وإذا لم يردّ فإنه يقع في خشية اعتباره غير قادر على المواجهة، وهذا الأمر قد يقلّل من شأنه ويظهره بمظهر العاجز في نظر بيئته أولًا، وفي نظر حلفائه الإقليميين ثانيًا.
أمّا في الغرب فإن بعض المحللين، واستنادًا إلى مقالات نُشرت في كبريات الصحف العالمية، يحذر من أن مثل هذه الاستهدافات، التي أُطلق عليها تعبير "استراتيجي"  قد تدفع الصراع من صراع محدود إلى مواجهة كبيرة، خصوصًا إذا وقع أي خطأ أو سوء تقدير من كلا الطرفين.
ما يخشاه الغرب هو أن تختار إسرائيل هذا الأسلوب، أي العودة إلى مسلسل الاغتيالات كجزء من استراتيجية ردع طويل الأمد، لكن هذا التصعيد يحمل مخاطِر كبيرة لأنه قد يجرّ "حزب الله" إلى ردّ قوي، وربما إلى حرب أوسع.
ويسأل كثيرون عمّا إذا كانت تهدف فقط من خلال هذه الاستهدافات إلى "منع إعادة بناء قدرات حزب الله" داخل لبنان. أمّا أن هذه الحجّة لم تعد تقلي أي عجّة، لأن جميع المتعاطين بهذا الشأن أن إسرائيل تريد أن تقطع الطريق على أي تفاهم مستقبلي بين واشنطن وطهران.
ولا يستبعد بعض المحللين الغربيين، وفي أكثر من صحيفة عالمية، أن تعيد مثل هذه الاعتداءات تشكيل "معادلة الردع". فردّّ "حزب الله"، إذا قرّر الرد، لن يكون بالضرورة بداية لحرب واسعة، بل قد يتحول إلى معادلات ردع سياسية واستراتيجية أوسع. وقد يكون لإيران دور محوري في هذا الجزء من الصراع.
أيًّا تكن الخيارات المحتملة والمتوقعة، فإن ثمة قلقًا غربيًا من أن تكون مثل هذه الاستهدافات الإسرائيلية مقدمة لزعزعة الاستقرار في لبنان، ومنه إلى المنطقة بأسرها، خصوصًا عشية زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر للبنان. (للحديث تتمة).

أخبار ذات صلة

0 تعليق