Advertisement
يصفها كثيرون بأنها "لهجة راقية" حتى أن بعض المستخدمين من جنسيات عربية مختلفة يقلّدونها في مقاطع الفيديو أو يضيفون كلمات لبنانية إلى حديثهم كنوع من التجميل أو لإضفاء نغمة لطيفة على الكلام. من كلمات بسيطة مثل "تقبرني"، "حبيبي"، "قلبي"، و"يا روحي"، إلى عبارات يومية مثل “شو حلو”، "ما في أطيب منك"، وحتى "يا عيب الشوم" التي تُقال أحيانًا على سبيل المزاح، تبدو اللهجة اللبنانية بنظر الآخرين ناعمة الملمس، أنيقة النغمة، ومليئة بالعاطفة مهما كان مضمونها.
وما يلفت أكثر هو كيف استطاعت هذه اللهجة أن تعبر الحدود من خلال الأغنية والدراما ومواقع التواصل. فالفنان اللبناني، سواء غنّى باللهجة البيروتية أو الجبلية، استطاع أن يزرعها في وجدان الجمهور العربي. الأغاني اللبنانية الخفيفة، والحوارات الدرامية، وحتى المقاطع الكوميدية على "تيك توك" و"إنستغرام"، أصبحت وسائل غير مباشرة لنشر اللهجة وتعريف الناس بتنوّعها وجمالها.
اللبنانيون أنفسهم يعتزون بتنوّع لكناتهم. فاللهجة البقاعية تميل إلى الغلظة في النطق لكنها عميقة ومعبّرة، واللهجة الجبلية تحمل دفئًا ريفيًا خاصًا، بينما لهجة الجنوب تمتاز بالصدق والبساطة، ولهجة بيروت تجمع بين الرقي والسرعة، كأنها تلخّص روح العاصمة. هذا التنوّع الداخلي يمنح اللهجة ثراءً يصعب أن نجده في بلد صغير المساحة مثل لبنان.
على المنصات الرقمية، نرى يوميًا محتوى يصوّر "انبهار العرب باللهجة اللبنانية"، فبعض المستخدمين يحاولون تقليدها بأسلوب فكاهي، وآخرون يستعملونها عمدًا في فيديوهاتهم للتعبير عن "الرقي" أو "الكلاس". واللافت أن هذا الإعجاب لا يأتي فقط من متابعي الفن اللبناني، بل من فئات شابة تعتبر اللهجة اللبنانية رمزًا للجمال والخفة واللباقة.
قد لا يكون لبنان بلدًا كبيرًا بمساحته، لكنه ترك بصمة لغوية تفوق حجمه بكثير. فلهجته أصبحت مرادفًا للّطافة والرقي، تحمل موسيقاها الخاصة وتعبّر عن هوية لا تشبه سواها. إنها لهجة تبتسم حين تُنطق، وتُحب حين تُسمع، وتؤكد أن الجمال ليس في الاتساع، بل في التفاصيل الصغيرة التي تُشبه لبنان نفسه.
0 تعليق