جمهور كرة القدم تحركه مشاعر بدائية، هو لا يطلب شيئًا مستحيلًا، فقط يريد أن يفوز فريقه ويكون فى أحسن حال، وحين يكون فريقه هذا هو الفريق الوطنى، يرفع هذا الجمهور سقف طموحاته، لأنه يريد أن يرفرف علم بلده على منصة التتويج، فى هذه الحالة تختفى الفتن بين الأندية المتصارعة على النقاط فى الدورى، والقال والقيل وما إلى ذلك.
انطلقت بطولة الأمم الإفريقية فى المغرب، هذا الأسبوع، وبالطبع يوجد أكثر من فريق مرشح للبطولة، مصر بينها بكل تأكيد، ورغم الإخفاقات الأخيرة فى منتخبات الشباب والبطولة العربية، فإننى أعتقد أن حظوظ مصر هذه المرة كبيرة، لأننا جميعًا فى حاجة إلى الفوز، لاعبين وجهازًا فنيًا وقبلهما الجمهور الذى يستحق فرحة كبيرة، ليس لأنه زعيم القارة فقط، ولكن لأنه يملك عددًا من المواهب التى ندر تواجدها فى جيل واحد، مثل محمد صلاح وعمر مرموش وإمام عاشور وأحمد سيد زيزو على سبيل المثال، ويمتلك مديرًا فنيًا صاحب تاريخ عظيم كلاعب، ورغم اختلافنا معه فى كثير من المباريات وهجومنا عليه، فإنه قادر على حصد «التامنة»، ومع اللاعبين سينجح فى تفادى العيوب السابقة، ودعمه ضرورة فى هذه الظروف.
نحن الأكثر تتويجًا باللقب برصيد ٧ مرات، آخرها الثلاثية الشهيرة فى ٢٠٠٦ و٢٠٠٨ و٢٠١٠، والأكثر وصولًا للمباراة النهائية برصيد ١٠ مرات، حيث خسرنا اللقب ٣ مرات، منها مرتان فى آخر ٧ مشاركات لنا، عندما خسرنا أمام الكاميرون بنتيجة ١-٢ فى نسخة ٢٠١٧ بالجابون، والخسارة بركلات الترجيح أمام السنغال فى نسخة ٢٠٢١ بالكاميرون. لعبنا ١١١ مباراة فى نهائيات كأس الأمم الإفريقية، وهو رقم قياسى، فزنا فى ٦٠ منها وسجّلنا ١٧٥ هدفًا.
ولكن توجد عقدة تاريخية تلازمنا سنتخلص منها هذا العام إن شاء الله، وهى خروجنا من الدور الأول فى ثلاث نسخ أقيمت بشمال إفريقيا: المغرب ١٩٨٨ والجزائر ١٩٩٠ وتونس ٢٠٠٤، ولم نتجاوز دور المجموعات سوى فى نسخة تونس ١٩٩٤، لكن نبقى المنتخب الوحيد الذى فاز بألقاب كأس الأمم الإفريقية فى شرق وغرب وشمال وجنوب إفريقيا.
بعض المحبطين يقلل من شأن فريقنا الوطنى، ويقارن بيننا وبين فريق المغرب الشقيق، بالطبع نحن نتابع بانبهار نجاحات الكرة المغربية فى السنوات الأخيرة، وكنا نشجعها كأنها تمثلنا فى كأس العالم فى قطر ومع منتخبات شبابها.
لكن أعتقد أن المبالغة فى قوة الفريق المغربى ليست هذه المرة فى محلها، ففى مباراته ضد جزر القمر فى الافتتاح لم نشاهد فريقًا مرعبًا، ووجود مدير فنى فترة طويلة يسهّل على خصومه قراءة أفكاره، ثانيًا، الانتصارات المغربية الأخيرة غيرت فى تركيبة المشجع هناك، أصبح يتعامل مع نفسه على أنه قوة عظمى، وأنه لن يقبل إلا الفوز، وهذا سيضع المنتخب المرشح الأول للبطولة تحت ضغط كبير، وربما كانت مباراة الأهلى مع الجيش الملكى مؤخرًا أكبر دليل على هذه الروح الجديدة التى صبغت المشجع التقليدى، والتى لها مبرر بالطبع، ففريقه رابع كأس العالم للكبار وبطل كأس العالم للشباب، وبطل العرب بفريق رديف، ولكن أن يغضبك نادى الأهلى المصرى صاحب الأرقام القياسية فى كل حاجة، لأنه تعادل على أرضك، فتقوم بإظهار آلات حادة وترمى أكثر من كرة فى الملعب، فهذا يعنى أنك مأزوم، فى وقت يحتج فيه جيل «زد» على مجدك الكروى.
ترجيح كفة مصر فى هذه البطولة له أسبابه، قائد الفريق محمد صلاح، كما قال حسام حسن، معنوياته فى التدريبات مرتفعة جدًا، وكأنه يبدأ مسيرته من جديد مع المنتخب، أرى أنه سيقدم بطولة كبيرة مع بلاده، ولديه حافز استثنائى، صلاح كلما تراجع مع فريقه يعود أقوى مع المنتخب، سواء فى التسجيل أو الصناعة، ثم يعود إلى فريقه بشكل أفضل، هو بحاجة إلى الفوز باللقب، لمساعدتنا ومساعدة نفسه.
وبالطبع يوجد حافز لدى مرموش ومصطفى محمد لا يقل عن حافز صلاح، وأيضًا توجد روح حلوة بين اللاعبين وحسام حسن، بعد أن تخلى عن عناده المعهود، خصوصًا مع إمام عاشور ومصطفى محمد، وكانت تجربته الودية أمام نيجيريا مفيدة جدًا، وفاز فى غياب الأسماء الكبيرة، وإن شاء الله «التامنة» ممكن.
















0 تعليق