أفادت تقارير إعلامية فرنسية بأن الرئيس إيمانويل ماكرون يستعد للكشف عن تغييرات مهمة في العقيدة النووية الفرنسية مطلع العام القادم، في خطوة تعكس التحولات المتسارعة في البيئة الأمنية الأوروبية.
وأوضحت مجلة "باري ماتش" أن الإعلان المرتقب يأتي بينما تستمر السلطات الفرنسية في مناقشة إمكانية توسيع دور العقيدة النووية بحيث تشمل حماية بعض دول أوروبا، في ظل المخاوف المتزايدة من التوترات المحيطة بعلاقة القارة بروسيا. ورغم أن فكرة توسيع نطاق السلاح النووي الفرنسي مطروحة للنقاش، إلا أن ماكرون يعارض تعميم "المظلة النووية" على كامل أوروبا، مؤكدا أن أي تعديل في العقيدة النووية يجب أن يكون محسوبًا بدقة ويتوافق مع المصالح القومية لـفرنسا.
وتأتي هذه التطورات في وقت تصاعدت فيه تصريحات الرئيس الفرنسي بشأن ما يسميه "الخطر الروسي" الذي يهدد أمن القارة، وهو ما أعاد فتح النقاش داخل دوائر القرار الأوروبية حول دور العقيدة النووية في حماية الدول الأعضاء.
ويشير مراقبون إلى أن النقاشات الدائرة حاليًا تعكس إدراكًا متزايدًا داخل أوروبا بأن الضمانات الأمنية التقليدية قد تحتاج إلى إعادة تقييم، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين الناتو وروسيا. ومن هذا المنطلق، تنظر بعض الدول إلى إمكانية الاستفادة من القدرات النووية الفرنسية كعامل ردع إضافي، بينما تبدي دول أخرى حذرًا من توسيع استخدام السلاح النووي خارج الإطار الوطني الفرنسي.
وفي أكتوبر الماضي، أعلن ماكرون أن الحكومة تعمل بالفعل على تحديث شامل لبنية العقيدة النووية، في إشارة إلى إعادة مراجعة مرتكزات الردع النووي الفرنسي وتطوير آليات استخدامه. ومع استمرار الجدل حول مدى واقعية حماية دول أوروبية أخرى تحت المظلة النووية الفرنسية، تبدو التعديلات القادمة جزءًا من استراتيجية أشمل لصياغة رؤية دفاعية جديدة تراعي التوازن بين أمن فرنسا والتزاماتها داخل الاتحاد الأوروبي.
وتشير مصادر سياسية إلى أن الخطوات المرتقبة قد تتضمن تعريفًا أوضح لظروف استخدام السلاح النووي في سياق الدفاع الجماعي، إلى جانب تحديد الأطر التي يمكن فيها توسيع نطاق الردع الفرنسي ليشمل حلفاء محددين في أوروبا.
وتزامنًا مع ذلك، تواصل روسيا التأكيد على أنها لا تنوي شن أي هجمات ضد دول حلف الناتو، مشيرة في الوقت نفسه إلى قلقها من توسع أنشطة الحلف بالقرب من حدودها. ويُتوقع أن تثير التعديلات المرتقبة على العقيدة النووية الفرنسية نقاشات واسعة في الأوساط السياسية الأوروبية، خصوصًا أنها تمس واحدًا من أكثر الملفات حساسية في العلاقة بين أوروبا وروسيا، وتفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل الردع النووي في القارة خلال العقد القادم.










0 تعليق