بعد سقوط معظم أراضيه في العراق وسوريا، كان العالم يظن أن داعش انتهى. لكن الواقع يقول العكس، داعش لم يختفِ، بل اختفى مؤقتاً ليعيد تنظيم صفوفه في مناطق بعيدة عن الأنظار.
مثل الكهوف وجبال الصومال القاحلة التي أصبحت اليوم ملاذاً آمنًا للقيادة والقوات، حيث يعيد التنظيم بناء قواته وإعادة رسم استراتيجيته للبقاء والتوسع.
توضح تقارير صحيفة التايمز البريطانية، أن التنظيم بدأ يعزز وجوده في شمال أفريقيا، مستفيداً من الفوضى السياسية والأمنية، وهو ما يضع المنطقة بأكملها تحت تهديد دائم.
هذا التحول يشير إلى أن داعش لم يعد مجرد تنظيم يسعى للسيطرة على الأراضي، بل أصبح شبكة ذكية متناثرة تستطيع العمل في الظل وتنفيذ عمليات إرهابية في أي لحظة.
استراتيجية البقاء: خلايا صغيرة وشبكات متناثرة
القيادة الحالية للتنظيم، استطاعت أن تحشد عناصر تصل إلى نحو 1200 عنصر في منطقة شمال أفريقيا ، هذا يعكس قدرة داعش على إعادة بناء نفسه بعد فقدان الخلافة المركزية.
ويعتمد التنظيم اليوم على خلايا صغيرة متناثرة تعمل بشكل مستقل، لكنها مترابطة بطريقة تكتيكية.
هذه الاستراتيجية تمنح التنظيم عدة ميزات، منها مرونة الحركة حيث يمكن لكل خلية أن تتحرك وتنفذ عملياتها دون الحاجة لاعتماد على مركز القيادة المباشر.
صعوبة الاستهداف
وصعوبة الاستهداف، فالقضاء على مركز واحد أو خلية واحدة لا يعني القضاء على التنظيم بالكامل، مما يجعل الجهود العسكرية التقليدية أقل فاعلية.
الاستفادة من الفوضى المحلية، إذ يسهل على التنظيم استغلال النزاعات الداخلية والفقر لتجنيد عناصر جديدة وبناء نفوذه تدريجياً.
فداعش أصبح أكثر قدرة على الصمود، وأكثر ذكاء في إدارة عملياته.
والتنظيم لم يعد يسعى للسيطرة على أراضٍ واسعة، بل يبحث عن توسيع النفوذ والتأثير بشكل خفي ومرن، وهو ما يجعله تهديداً طويل الأمد.
تهديدات مستمرة: من الصومال إلى العالم
تحول داعش إلى شبكات متناثرة يجعل تهديده أكثر تعقيداً، ويصعب على الحكومات مواجهته بالطرق التقليدية. التنظيم الآن قادر على تنفيذ عمليات إرهابية محلية وإقليمية، وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بقدرة البقاء على المدى الطويل.
الخبراء الأمنيون يرون أن كل خلية تعمل ككيان مستقل، وهذا يعني أن القضاء على مركز أو منطقة محددة لن يوقف نشاط الخلايا الأخرى، بل قد يدفعها للتوسع في مناطق جديدة.
هذا التحرك الذكي يخلق بيئة غير مستقرة، ويزيد من احتمالات استغلال التنظيم للفوضى والنزاعات المحلية في الدول الأفريقية، مثل الصومال، لزيادة نفوذه.
الأبعاد الإقليمية والدولية
التحول الاستراتيجي لداعش له آثار واسعة على الأمن الإقليمي والدولي،منها هشاشة الدول المحلية، وضعف الجيوش الوطنية وعدم قدرة بعض الدول على السيطرة على أراضيها مما يجعلها أهدافاً سهلة لشبكات التنظيم.
كما أن الانتشار في مناطق وعرة وصعبة الوصول يتطلب تكثيف العمليات الاستخباراتية والمراقبة الدقيقة لكل تحركات التنظيم.
ومع تراجع سيطرته الإقليمية، يعمل داعش على تعزيز نفوذه عبر الفكر المتطرف والتجنيد عبر المجتمعات المهمشة، وهو ما يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المنطقة.











0 تعليق