أجبرت الزيادة الكبيرة في دعاوى المناخ خلال العقد الماضي الحكومات، وكذلك الشركات الكبرى، على وضع قواعد عمل واضحة تحمي المواطنين من الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية.
وكشف تقرير جديد صادر عن شبكة التقاضي العالمي بشأن المناخ - حسبما ذكرت شبكة "يورونيوز" الإخبارية في نشرتها الفرنسية اليوم الأربعاء - كيف ساهمت عشر سنوات من الإجراءات القانونية في إرساء قواعد قانونية ملزمة للقادة وكبار الملوثين لحماية المواطنين من أضرار المناخ.
واستُلهمت العديد من هذه المعارك القانونية من قضية "أورجيندا" التاريخية، التي كانت المرة الأولى التي تأمر فيها محكمة في العالم، حكومة بتعزيز إجراءاتها المناخية. وجاء هذا الحكم بعد أن رفعت مؤسسة "أورجيندا" غير الربحية، إلى جانب ما يقرب من ألف مواطن، القضية إلى المحاكم الهولندية لإجبار الحكومة على الوفاء بالتزاماتها بخفض الانبعاثات وحماية السكان واحترام حقوق الإنسان.
وأشار التقرير، الذي يحمل عنوان "إرساء أسس مستقبلنا المشترك: كيف ساهمت عشر سنوات من قضايا المناخ في بناء بنية قانونية لحماية المناخ"، إلى أن تزايد التقاضي المناخي هو رد فعل مباشر على اخفاق الحكومات والشركات في مواجهة "التحدي الحاسم في عصرنا".
وعلى الصعيد العالمي، يرغب ما يقرب من تسعة من كل عشرة أشخاص (89%) في أن تبذل حكوماتهم المزيد من الجهود لمكافحة تغير المناخ، لكن واحدا فقط من كل خمسة يعتقد أن حكومته ستفي بوعودها.
وأفاد التقرير: "في هذا السياق، صارت دعاوى المناخ وسيلة لاستعادة التمكين والثقة"، وتتيح الإجراءات القانونية للمواطنين محاسبة المحاكم المستقلة، الملتزمة بفحص أوضاعهم استنادا إلى القانون بدلا من الضغط السياسي قصير الأجل.
وبشكل عام، أضاف التقرير أن هذه الأنواع من القضايا قد أرست أسسا قانونية تحدد كيفية التزام الحكومات بخفض الانبعاثات لتجنب تغير المناخ الخطير. ويشمل ذلك الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 5ر1 درجة مئوية، كما هو منصوص عليه في اتفاقية باريس، وضمان محاسبة كبار الملوثين على أضرار المناخ.
من جانبها، قالت المديرة المشاركة في تقرير شبكة التقاضي العالمي بشأن المناخ سارة ميد: "ما كان واجبا أخلاقيا قبل عقد من الزمان صار الآن واجبًا قانونيًا. فعلى أكبر الملوثين - أي الحكومات والشركات الأكثر مسئولية عن تغير المناخ - واجب القيام بدورهم الكامل في الجهود العالمية لوقف تغير المناخ الخطير".
وأضافت ميد أنه "لا ينبغي للشركات الأكثر انبعاثات أن تتمكن من التلويث دون عقاب وجني الأرباح على حساب مستقبلنا"، مشيرة إلى أن المحاكم تلحق بالركب.
بدوره، صرح المحامي في منظمة "أورجيندا" دينيس فان بيركل بأنه "على مدار العقد الماضي، استخدم المواطنون المحاكم لبناء إطار عمل للمساءلة من القاعدة إلى القمة. لم نكن في وضع أفضل من الآن لاستخدام القانون لحماية المواطنين والكوكب من تغير المناخ".
يذكر أن التقاضي العالمي بشأن المناخ هو استخدام الدعاوى القضائية في مختلف أنحاء العالم للمطالبة بإجراءات مناخية وتطوير القانون الدولي المتعلق بها. وشهد هذا المجال نموا كبيرا، خاصة بعد الرأي الاستشاري التاريخي لمحكمة العدل الدولية في شهر يوليو 2025، الذي أكد أن على الدول التزاما قانونيا بحماية النظام المناخي.
يشار إلى أن "أورجيندا" هي مؤسسة غير ربحية في هولندا تهدف إلى المساعدة في إنفاذ المعاهدات البيئية الوطنية والأوروبية والدولية. وفي عام 2013، رفعت "أورجيندا" دعوى قضائية ضد الحكومة في محكمة لاهاي، لإجبارها على وضع سياسات أكثر فعالية تقلل من الانبعاثات، بهدف حماية سكان هولندا من آثار تغير المناخ والتلوث.













0 تعليق