اقتصاديون لـ"الدستور": بدء المراجعتين الخامسة والسادسة شهادة ثقة جديدة في الاقتصاد المصري

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

وصلت بعثة صندوق النقد الدولي إلى القاهرة، أمس، لبدء العمل على المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج التعاون مع مصر، وسط اهتمام واسع من الأوساط الاقتصادية؛ لما تحمله هذه الخطوة من دلالات مهمة بشأن مسار الإصلاح الاقتصادي.

أكد خبراء الاقتصاد أن الزيارة تأتي في توقيت يُعد حاسمًا، حيث تشير المؤشرات الأولية إلى أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا في تنفيذ الالتزامات المتفق عليها، سواء فيما يخص إجراءات ضبط المالية العامة أو تعزيز الحوافز الداعمة لدور القطاع الخاص.

وأشار الخبراء إلى أن بدء المراجعات يمثل رسالة ثقة دولية في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي واستعادة توازنه، خاصة بعد تنفيذ إصلاحات جوهرية في ملف الدعم وإعادة هيكلة منظومة أسعار الطاقة.

وأوضح عدد من الخبراء تحدثت معهم "الدستور"، أن أبرز الملفات المطروحة للنقاش خلال فترة المراجعة تشمل برنامج تخارج الدولة والطروحات الحكومية، مؤكدين أهمية الالتزام بالتقييم العادل للأصول العامة.

وأشاروا إلى أن نجاح المراجعتين سيعزز قدرة مصر على الحصول على الشريحة التمويلية الجديدة البالغة 2.4 مليار دولار، وسيمنح الأسواق إشارة قوية بأن الاقتصاد المصري يسير بثبات على مسار الإصلاح المستدام.

وقال الخبراء، إن مصر نجحت في إطلاق حزم تحفيزية ضريبية وتنظيمية ساهمت في تقوية مناخ الاستثمار، وهو ما انعكس إيجابًا على توقعات المؤسسات الدولية.

بداية، أكد الدكتور محمد سعد الدين، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية ورئيس جمعية مستثمري الغاز المسال ونائب رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن بدء إجراءات المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي يمثل خطوة محورية في مسار الإصلاح الاقتصادي المصري، ويعكس نجاح الدولة في الوفاء بالجزء الأكبر من الالتزامات التي تم الاتفاق عليها في المراحل السابقة.

وأشار سعد الدين في تصريحات خاصة لـ"الدستور" إلى أن مجرد بدء تلك المراجعات يبعث برسالة واضحة بأن مصر تسير على الطريق الصحيح، وأنها استطاعت تنفيذ إصلاحات حقيقية، وفي مقدمتها ترشيد الدعم- خصوصًا دعم الطاقة- وتحسين كفاءة إدارة الموارد، وهو ما كان أحد الشروط الأساسية لهذه المراجعات.

وأوضح أن الدولة لم تكتفِ بالإصلاحات المالية، بل فتحت المجال أمام القطاع الخاص من خلال حوافز متنوعة وتيسيرات ضريبية خلقت مناخًا أفضل لممارسة الأعمال، مشيرًا إلى أن تلك الحزمة كانت أحد المطالب الرئيسية من جانب مجتمع المستثمرين، وقد أثبتت الدولة استجابتها الفعّالة لها، ما كان له أثر إيجابي مباشر على ثقة السوق.

وأضاف سعد الدين، أن المراجعتين الخامسة والسادسة ستتضمنان نقاشات مهمة حول برنامج تخارج الدولة وبرنامج الطروحات الحكومية، مشددًا على أن الدولة ملتزمة بأن يكون التخارج وفق تقييمات عادلة وشفافة، تضمن الحفاظ على قيمة الأصول العامة، وعدم التفريط في حقوق الدولة تحت ضغط عامل الوقت أو الرغبة في الإنجاز السريع.

وذكر أن وصول بعثة صندوق النقد الدولي إلى القاهرة سبقتها مشاورات مكثفة بين الجانبين، ما يعني أن الصورة العامة مكتملة تقريبًا، وأن ما تبقى يتعلق ببعض التفاصيل الفنية التي يتم العمل على تسويتها خلال فترة المراجعة.

وألمح إلى أن التناغم في الرؤى بين الحكومة المصرية والصندوق يعكس إدراكًا مشتركًا لأهمية استمرار برنامج الإصلاح، وأن المسار المتفق عليه يسير بسلاسة نحو تحقيق أهدافه.

وتوقع الدكتور محمد سعد الدين أن يؤدي نجاح هاتين المراجعتين إلى تعزيز ثقة الأسواق الدولية، خاصة في ظل الحصول المتوقع على الشريحة التمويلية البالغة نحو 2.4 مليار دولار، مؤكدًا أن الأهمية الحقيقية ليست في قيمة التمويل بقدر ما تكمن في الرسالة السياسية والاقتصادية التي يحملها نجاح المراجعة، باعتباره شهادة دولية بأن مصر نفذت استحقاقاتها وتواصل العمل بمنهج إصلاحي مسئول.

وأكد أن نجاح المراجعات سيُعد مؤشرًا مطمئنًا للمستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء، وسيعزز ثقة القطاع الخاص، ويدعم تدفق الاستثمارات الجديدة إلى السوق المصرية، بما يسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار على المديين القريب والبعيد.

المراجعتان الخامسة والسادسة مع صندوق النقد: خطوة تعزز الثقة في المسار الإصلاحي المصري

في نفس السياق، أكد الدكتور وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية العامة وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن بدء إجراءات المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي يمثل دليلًا واضحًا على تصميم الدولة المصرية على الاستمرار في مسارها الإصلاحي، مشيرًا إلى أن مصر أنجزت بالفعل معظم استحقاقات هاتين المراجعتين خلال الفترة الماضية.

وأوضح جاب الله في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن الدولة نجحت في اتخاذ خطوات حقيقية لترشيد منظومة الدعم، بما في ذلك دعم الطاقة، مؤكدًا أن هذه الإجراءات جاءت في إطار إعادة هيكلة الدعم وتوجيهه نحو الفئات الأكثر احتياجًا، دون الإضرار بقدرة القطاعات الإنتاجية.

وأضاف أن الحكومة قدّمت خلال الفترة الماضية عددًا من المبادرات والحوافز الهادفة إلى دعم نشاط القطاع الخاص وتنشيط بيئة الأعمال، لافتًا إلى أن حُزمة التيسيرات الضريبية الأخيرة لاقت صدى إيجابيًا لدى مجتمع المستثمرين.

وفيما يتعلق بملف الطروحات، أكد جاب الله أن المراجعتين الخامسة والسادسة ستشهدان نقاشات موسعة حول برنامج تخارج الدولة وبرنامج طروحات الشركات المملوكة لها، مشددًا على أن الدولة تُصرّ على أن يتم التخارج وفق تقييمات عادلة تعكس القيمة الحقيقية للأصول، دون السماح لضغوط الإسراع في تنفيذ البرنامج أن تؤثر على حقوق الدولة أو على العائد المتوقع من هذه الشركات.

وألمح إلى أن وصول بعثة الصندوق إلى القاهرة جرى بعد سلسلة من المشاورات الفنية بين الجانبين، ما يعني ـ على حد قوله ـ أن ما تبقى هو الاتفاق على عدد من التفاصيل النهائية، وأن المسار المشترك بين مصر والصندوق يسير في الاتجاه الصحيح. وأضاف أن نجاح المراجعتين سيترتب عليه حصول مصر على شريحة تمويل تبلغ نحو 2.4 مليار دولار، الأمر الذي يُعد مؤشرًا قويًا على ثقة المؤسسات الدولية في قدرة الاقتصاد المصري على تنفيذ برامجه الإصلاحية.

وتوقع جاب الله أن يؤدي الانتهاء من هذه المراجعات بنجاح إلى تعزيز ثقة المستثمرين، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى تقديم رسالة طمأنة مهمة للقطاع الخاص المحلي بشأن استقرار السياسات الاقتصادية واستمرارية الإصلاح، مشيرًا إلى أن الاتفاق النهائي مع الصندوق سيُعد بمثابة شهادة نجاح جديدة تثبت التزام مصر بتنفيذ استحقاقاتها السابقة ومضيّها في استكمال البرنامج الإصلاحي.

وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من الإجراءات الداعمة للاستثمار، وأن الإصلاحات الجارية ستنعكس تدريجيًا على النمو الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال، بما يعزز من مشاركة القطاع الخاص في قيادة الاقتصاد خلال السنوات القادمة.

وذكر أن الحكومة تستعد خلال الفترة المقبلة للإعلان عن الحزمة الثانية من التيسيرات الضريبية، والتي من المقرر أن تشمل ضرائب الدخل والضريبة على القيمة المضافة والضرائب العقارية، موضحًا أن هذه الخطوات تأتي ضمن جهود أوسع لتخفيف الأعباء وتحسين مناخ الاستثمار المحلي، مشيرًا إلى أن تطوير منظومة الجمارك يسير بشكل ملحوظ، بما يحقق مزايا جديدة في عمليات دخول وخروج السلع ومستلزمات الإنتاج، ويسهم في تقليل التكاليف ورفع كفاءة سلاسل التوريد.

جهود الحكومة المصرية قبل زيارة بعثة صندوق النقد الدولي لتعزيز الاستقرار الاقتصادي

أشاد الدكتور محمد باغة، أستاذ التمويل والاستثمار بكلية التجارة جامعة قناة السويس، بالجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية لتعزيز الاستقرار المالي والنقدي، مؤكدًا أن هذه الجهود تجسد التزام الدولة بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي. 

وأوضح أن الحكومة نجحت في تطبيق سياسات مالية ونقدية صارمة، تضمنت ضبط الإنفاق العام، خفض دعم الطاقة تدريجيًا، واتباع سياسة سعر صرف مرن للجنيه، وهو ما ساهم في خفض التضخم وتحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية.

ولفت الدكتور باغة في تصريحات خاصة لـ"الدستور" إلى أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر خلال هذا الأسبوع تُعد خطوة مهمة في مسار التعاون بين مصر والصندوق، حيث ستقوم البعثة بإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج تسهيل الصندوق الممدد بقيمة 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى المراجعة الأولى لتسهيل المرونة والاستدامة، بهدف تقييم مدى التقدم المحرز في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمالية.

وأشار إلى أن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة يمنح الحكومة مساحة إضافية لاستكمال الإصلاحات، ويعكس تفهم الصندوق للمرحلة الدقيقة التي يمر بها الاقتصاد المصري، مؤكدًا أن نجاح المراجعتين سيتيح لمصر استلام شريحتين من التمويل بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 2.4 مليار دولار، وهو ما سيكون له أثر إيجابي مباشر على تعزيز الاحتياطيات الدولية، دعم استقرار سعر الصرف، وتحسين قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية.

ذكر أن هذا التمويل يمثل أيضًا مؤشرًا على التزام مصر بتنفيذ برنامج الإصلاح ووفائها بالتزاماتها المالية، ما يعزز الثقة بين المستثمرين المحليين والدوليين. موضحًا أن المراجعتين ستتناولان تقييم معدلات النمو، مستوى التضخم، سياسات النقد، والتقدم في برنامج الطروحات الحكومية والتخارج من الأصول المملوكة للدولة، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى لضمان تقييم عادل لهذه الشركات، وعدم التسرع في إنجاز الطروحات، لضمان حصولها على مقابل مناسب يعزز الموارد المالية ويدعم الاستقرار الاقتصادي.

ولفت إلى أن برنامج التخارج من الأصول الحكومية إلى جانب الإصلاحات الهيكلية الأخرى، يسهمان في خلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية، وتعزيز دور القطاع الخاص، بما يعزز النمو المستدام.. مشيرًا إلى أن النتائج الإيجابية للمراجعتين ستكون بمثابة شهادة على التزام مصر بخارطة الطريق الاقتصادية، وستعمل على تحفيز المزيد من الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى دعم النشاط الاقتصادي المحلي.

وأشاد الدكتور باغة بالجهود المصرية في الحفاظ على الانضباط المالي، وإدارة الدين العام بشكل فعال، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات جميعها تهيئ بيئة مستقرة للنمو الاقتصادي، وتحسن مستوى المعيشة للمواطنين.

وتوقع باغة أن يؤدي النجاح في المراجعتين إلى تعزيز ثقة الأسواق والمستثمرين في الاقتصاد المصري، وأن يكون له أثر محفز على الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص.. مؤكدًا أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولي تمثل فرصة لمصر لترسيخ مكتسبات الإصلاح الاقتصادي، مضيفًا: أن التزام الدولة بخارطة الطريق الاقتصادية يعكس جدية الحكومة في تحقيق الاستقرار المالي والنمو المستدام، وتهيئة الظروف المناسبة لجذب الاستثمار ودعم التنمية الشاملة في البلاد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق