«من العداء إلى الألفة».. تحليل ما وراء تحوّل ترامب من خصم إلى داعم ممداني هل هي قناعة أم مصلحة استراتيجية؟

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

زهران ممداني فاز بمنصب عمدة نيويورك، وهو سياسي من اتجاه ديمقراطي اشتراكي علاقته مع دونالد ترامب كانت معقدة جدًا: من انتقادات حادة وتهديدات بقطع التمويل، إلى لقاء ودي في البيت الأبيض وتصريحات إيجابية. هذا التحول يثير الكثير من الأسئلة الاستراتيجية والعميقة: ما الذي دفع ترامب لدعمه الآن؟ هل هو تغيير في الموقف؟ أو لعب سياسي؟ وهل هذا اللقاء بداية لتحول فكري أوسع في الساحة السياسية الأمريكية؟ وفي هذا التقرير لتحيا مصر، سوف نستعرض الرواية كاملة، تحليل أسبابه، مخاطره، وجهود الطرفين، ونظرة الخبراء الدوليين.

تحليل الموقف: لماذا صافح ودعم ترامب ممداني بعد العداء؟

 

خلفية العداء بين ترامب وممداني

وصف ترامب ممداني بـ “الاشتراكي” أو حتى “شيوعي”: قبل فوز ممداني، وهدد ترامب بقطع التمويل الفيدرالي لنيويورك إذا فاز ممداني. 

ترامب - ممداني 

وفي يوم الانتخابات، يوم 3 نوفمبر 2025، أعلن ترامب دعمه لخصمه أندرو كووومو، وحذر من أن حكم ممداني سيكون كارثيًا اقتصاديًا. 

وهذا العداء كان طبيعيًا من منظور أيديولوجي: ممداني يمثل يسارًا تقدميًا، بينما ترامب يمثل اليمين المحافظ القومي.

دوافع استراتيجية وراء اللقاء والتحول

فيما يلي تحليل لما قد يدفع ترامب الآن إلى تبني موقف أكثر ودية مع ممداني: توجيه الانتباه نحو قضايا محورية للناخبين

ممداني جاء بمنصة قوية حول إمكانية المعيشة، مثل تكلفة السكن والبقالة والفواتير. 

ترامب أيضًا أعاد تركيز خطابه على هذه القضايا، ربما لأنه يدرك أن “تكلفة المعيشة” هي قضية محورية للناخبين ووسيلة موجزة لجذب قطاعات متأثرة. مقال من The New Arab يشير إلى هذا الجانب: اللقاء سمح لترامب “بتغيير الموضوع” من خطابه التقليدي. 

بهذا الشكل، اللقاء يعطي ترامب فرصة لإظهار حس سياسي واقعي تجاه مشاكل الناس، وهو ما قد يعزز صورته الانتخابية كزعيم “يهتم بالمواطن البسيط”.

ممداني ليس مجرد سياسي محلي، بل يمثل “وجهًا جديدًا” من الجيل الشبابي التقدمي، ومسلم من أصول مهاجرة، وهو ما قد يعطي للرئيس بعض المصداقية في التعامل مع التنوع.

من جهة ترامب، حواره مع ممداني، رغم الاختلاف الأيديولوجي، يمكن أن يُصوَّر على أنه “استعداد للعمل مع من يختلفون معه”، ما قد ينعكس إيجابيًا على صورة ترامب كممارس للسلطة “واقعي” وليس فقط أيديولوجي صدامي. تحليل The New Arab يرى أن لغة الجسد بين الرجلين في الاجتماع أظهرت دفءًا غير متوقع، وهذا يعكس تحولًا مهمًّا في ديناميكية العداء. 

وفي المؤتمر الصحفي بعد لقائهما، ترامب وصف ممداني بـ “فائز” محتمل وأن بعض أفكاره متقاربة مع أفكاره: “بعض من أفكاره هي نفس الأفكار التي لديّ.” 

هناك بعد رمزي أيضًا من جانب ترامب: وهواستقبال ممداني في المكتب البيضاوي يعطى بعد شرفي بارز، ربما لترامب فائدة دبلوماسية محلية وسياسية.

ترامب قد يستفيد من هذا اللقاء لتخفيف الانتقادات أو الضغوط السياسية، خاصة إن تزامن مع قضايا اقتصادية محلية (تكلفة المعيشة) تهم الناخبين.

هذا الدعم (أو التودد) يمكن أن يكون جزءًا من استراتيجية أكبر لترامب لاحتواء فئات من اليسار أو التقدميين الذي لديهم نفوذ متزايد في بعض المدن الكبرى (مثل نيويورك)، ما قد يفكك بعض خطابات الضعف التي تستخدم ضده.

أيضًا، من منظور ترامب، دعم ممداني قد يكون “رهانًا محسوبًا”: إذا نجح ممداني في بعض السياسات التي تهم الفقراء والمتوسطين، فإن ترامب يمكن أن يربط نفسه بهذا النجاح ويسوّق ذلك كحكمته أو قدرته على التعاون.

تقييم: هل الدعم حقيقي من قناعة أم دعم مؤقت من مصلحة؟

من تحليل ما سبق، يمكن اقتراح أن: الدعم ليس مجرد شعور صادق من قناعة أيديولوجية عميقة: من المعروف أن ترامب ليس من المتعاطفين الأيديولوجيين مع الاشتراكية أو التوجهات التقدمية لممداني. العداء السابق قوي، والاختلافات الأيديولوجية لا تزال مهمة.

ولكن الدعم ليس سطحياً أو اعتباطيًا: هذا اللقاء والتعبير العلني عن دعم (جزئي) يظهر أن هناك مصلحة استراتيجية واضحة. ترامب يرى أن بإمكانه الاستفادة من مصداقية ممداني الشعبية، خصوصًا في القضايا الاقتصادية المحورية.

هو دعم مصلحة أولًا، مع احتمال لتغيير جزئي في الدينامية: من المرجح أن يكون هذا دعمًا بنّاءً من طرف ترامب، لكنه مصلحة أولاً وليس تحولًا أيديولوجيًا كاملًا.

وليس دعمًا “تبعيًّا” بالكامل: ممداني من جانبه لم ينخرط في مجاملة أعمى: خلال المؤتمر قال إنه “لديه العديد من الخلافات مع الرئيس” وإنه مستعدّ أن يقول لا إذا كانت هناك سياسات تضرّ بسكان نيويورك. 

بالتالي، العلاقة قد تكون متبادلة: ترامب يعطي بعض “الدعم” الرمزي والعين على القضايا الشعبية، وممداني يستفيد من منصة وطنية قوية ويُظهر أنه قادر على التواصل مع جهات متنوعة، لكن ليس من الواضح أن هناك خضوع أيديولوجي كامل من أي طرف.

انعكاسات أوسع: بداية ثورة فكرية أم مناورة سياسية؟

 

دلالة على تغير في الفعل السياسي الأمريكي

قد يُنظر إلى هذا اللقاء كمؤشر على أن الخط السياسي التقليدي (يمين/يسار) يتغير: ليس فقط تحالفات الأيديولوجيا الصارمة، بل تحالفات لمصلحة عملية.

ممداني، كمرشح اشتراكي ديمقراطي شاب، يُمثل جيلًا جديدًا من التقدميين الذين يستطيعون جذب الناخبين من خلفيات متعددة، بما في ذلك ناخبون من قاعدة ترامب أو من الفئات التي تأثرت سلبًا من ارتفاع تكلفة المعيشة.

إذا نجحت فكرته حول “الإسكان الميسر” و”تكلفة المعيشة” على مستوى مدينة كبيرة مثل نيويورك، قد يصبح نموذجًا يُحاكى في مدن أخرى أو حتى على المستوى الوطني، ما قد يشكل تحديًا للنماذج التقليدية في الحزبين الكبيرين.

 مخاطر وتحديات

بالنسبة لترامب: إذا دعم ممداني كثيرًا، قد يُتهم من داخل الحزب الجمهوري بأنه يحالف “الاشتراكيين”، وقد يخسر جزءًا من قاعدته الأيديولوجية الجامدة.

بالنسبة لممداني: التودد لترامب قد يثير انتقادات شديدة من جناحه التقدمي أو الاشتراكي، الذين قد يرون هذا التحالف كخيانة أو تنازل عن مبادئه.

هناك مخاطرة سياسية كبيرة لكلا الطرفين: إذا لم يُحقق ممداني نتائج ملموسة في ملف الإسكان أو المعيشة، فالدعم الرمزي قد يتحول إلى سلاح يستخدمه خصومه ضده (وخاصة من اليمين).

أيضًا، هذا النوع من اللقاءات يعكس لعبة كبيرة على المسرح الإعلامي: الصور، التصريحات، لغة الجسد كلها تستخدم لتشكيل تصور معين أمام الناخبين المحليين والوطنيين.

آراء خبراء وتحليلات دولية

تقرير (لتحيا مصر )جمع فيه  بعض وسائل الإعلام والتحليلات ما يلي من خبراء أو من زاوية دولية:

تعتبر The New Arabان اللقاء : قد يكون “انتصارًا سياسيًا لترامب” لأنه أعاد تحويل الانتباه لديه إلى قضايا اقتصادية مهمة بدل الأزمات الأخرى، وأنه استخدم تصويرًا إيجابيًا لممداني ليعزز صورته. 

ووصفت The Guardianاللقاء بانه:  “غير متوقع” ودافئ، حيث قال ترامب إنه “بلا تمييز في الحزب” وإنه سعيد إذا نجح ممداني، حتى قال إنه “بكل تأكيد” قد يعيش في نيويورك تحت قيادته. 

CBS News: نقلت عن ممداني أنه رأى الاجتماع “فرصة لتقديم قضيته” بشأن المعيشة، وعبر عن استعداده للتعاون إذا كانت السياسات مفيدة، لكنه لن يتردد في الاعتراض إذا أراد ترامب سياسات تضر بالمدينة. 

Newsweek: يذكر أن جزءًا من برنامج ممداني الاقتصادي يتضمن مقترحات طموحة مثل “إلغاء أجرة الحافلات” وتوسيع الرعاية للأطفال، وهي سياسات قد تكون جذابة لقاعدة عريضة إذا تم تنفيذها، لكنها تثير تساؤلات حول التمويل والتنفيذ. 

البحث التحليلي الدولي: بعض المحللين يرون أن هذا اللقاء يعكس ميلًا عالميًا نحو “سياسات الجيب” بدل الصراع الأيديولوجي الخالص، حيث القادة يبحثون عن تحالفات تخدم قضايا المعيشة والرفاه الاقتصادي.

الخلاصة والتوصيات

اللقاء بين دونالد ترامب وزهران ممداني يحمل رمزية قوية وسياسية استراتيجية. إنه ليس دعماً أيديولوجيًا عميقاً بقدر ما هو مناورة ذكية من الطرفين: ترامب يستفيد من منصة شعبية ومصداقية اقتصادية، وممداني يستفيد من تسليط الضوء الوطني وفتح قنوات للتطبيق العملي لبرنامجه. الدعم ليس تبعيًا كاملًا من ممداني، لكنه ليس عداوة تقليدية من ترامب أيضًا.

توصيات هامة 

1. مراقبة تنفيذ السياسات: يجب متابعة ما إذا كان ممداني سيترجم “أجندته الميسّرة” بعد توليه المنصب، وما إذا كان ترامب سيقدم دعمًا ملموسًا (تمويل، تعاون فيدرالي) أم تبقى الكلمات فقط.

2. تحليل الاتساع الوطني: دراسة ما إذا كان نموذج ممداني يمكن أن يُحاكى في مدن أمريكية أخرى، خصوصًا المدن المتأثرة بأزمة المعيشة.

3. رصد ردود الفعل الداخلية.. داخل الحزب التقدمي لممداني، هل سيُنظر لهذا التعاون مع ترامب باعتباره تنازلاً مبدئيًا؟ وهل سيستخدم خصومه هذا اللقاء ضده؟

4. مراقبة الخطاب الإعلامي.. كيف سيُسوّق كلا الطرفين هذا اللقاء لجماهيرهم؟ هل سيكون رمزًا للوحدة الوطنية أو مجرد استراتيجية انتخابية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق