عاد اسم الإعلامية الراحلة شيماء جمال إلى الواجهة خلال الساعات الماضية، بعد عرض مشهد في مسلسل ورد وشوكولاتة بدا شديد الشبه بالجريمة الحقيقية التي هزّت الرأي العام قبل ثلاث سنوات. ورغم أن العمل الدرامي لم يذكر الاسم صراحة، فإن المتابعين لم يترددوا في ربطه بالقضية الأشهر التي انتهت مؤخرًا بتنفيذ حكم الإعدام بحق زوجها المستشار أيمن حجاج وصديقه حسين الغرابلي داخل سجن الاستئناف في أغسطس الماضي.
المشهد الذي أثار موجة من الجدل صوّر عملية قتل "مروة" على يد زوجها وشريكه داخل منزل جديد، حيث تم الاعتداء عليها من الخلف، ثم تقييدها وقتلها بطريقة عنيفة قبل دفن الجثمان وسكب مادة كيميائية لطمس آثار الجريمة. ورغم التشابه العام، فإن قراءة متأنية للتحقيقات الرسمية تكشف أن التنفيذ الحقيقي كان أكثر ترتيبًا وأشد قسوة مما ظهر على الشاشة.
الفرق بين الدراما والواقع
اعتمد المسلسل على معالجة درامية مختصرة تقوم على عنصر المفاجأة داخل منزل حديث التجهيز، بينما ارتكزت الجريمة الحقيقية على مراحل متعددة من التخطيط المسبق، بدأت قبل أسابيع من وقوعها، وانتهت داخل مزرعة مهجورة اختارها المتهمان بعناية لضمان الابتعاد عن الأنظار وامتلاك الوقت الكافي للتخلص من الجثمان دون إثارة أي شبهات.
كما أظهر المسلسل القاتل وكأنه لجأ إلى شريكه في لحظة غضب أو انفعال، لكن أوراق التحقيقات الرسمية كشفت أن الاتفاق بين المتهمين كان قائمًا قبل الجريمة بوقت كافٍ، وأنهما قاما بشراء أدوات محددة، وحفرا قبرًا قبل يومين من تنفيذ المخطط، في خطوة تؤكد أن الجريمة لم تكن وليدة لحظة، بل نتاج قرار محسوب انتهى بقتل المجني عليها بدم بارد.
كيفية تنفيذ الجريمة في الحقيقة
طبقًا لملف القضية، لم يبدأ المتهم الأول في تنفيذ جريمته بمجرد حدوث خلاف مع زوجته، بل انتقل تدريجيًا من مرحلة التهديد إلى مرحلة إعداد مسرح الجريمة. فقد بحث في البداية عن مكان بعيد يصعب ربطه به، إلى أن استقر اختياره على مزرعة تقع في منطقة نائية. وبعد معاينتها برفقة المتهم الثاني، بدأ الاثنان تجهيز المكان، وشراء الأدوات التي ستُستخدم لاحقًا.
وبعد تجهيز الحفرة في آخر المزرعة وإخفائها بغطاء ترابي خفيف، بدأ المتهم الأول تنفيذ الجزء الأهم من خطته: استدراج المجني عليها. واستغل الخلافات الحادة بينهما ليقنعها بأنهما بصدد فتح صفحة جديدة، وأنه اشترى لها مزرعة سيكون لها وحدها. وبسبب حالة الاضطراب التي كانت تمر بها العلاقة بين الطرفين، قبلت المجني عليها دعوته، ورافقت زوجها دون أن تعلم أنها في طريقها إلى مصير قاتم.
وفور وصولهما إلى المكان، كان المتهم الثاني في حالة استعداد كاملة. وما إن دخلت المجني عليها الاستراحة حتى باغتها المتهم الأول بإسقاطها أرضًا بضربات متتالية، بينما أمسك المتهم الثاني بيديها ليشل حركتها. ولم تستمر المقاومة طويلًا داخل الغرفة الصغيرة، إذ عمد المتهم الأول إلى خنقها باستخدام قطعة قماشية ضغط بها على منطقة العنق، ثم لف حول رقبتها سلسلة حديدية للتأكد من توقف العلامات الحيوية.
وبعد التأكد من وفاتها، نزع المتهمان عنها مصوغاتها ومتعلقاتها الشخصية لإخفاء أي أثر، ثم حملا الجثمان إلى الحفرة التي جرى إعدادها مسبقًا. وهناك سكبا مادة كيميائية حارقة فوق الجسد قبل دفنه بالكامل، في محاولة لإخفاء ملامح الجريمة أو إعاقة جهود البحث حال اكتشاف الأمر لاحقًا.
من التحقيق إلى الإعدام
اعتماد النيابة العامة على اعترافات المتهم الثاني، وتقارير الطب الشرعي، وتسجيلات تتبع الهواتف، وشهادة أصحاب المتجر الذي بيعت منه أدوات الجريمة، جعل ملف القضية محكمًا من بدايته حتى نهايته. ومع استكمال حلقات الإثبات، أُحيل المتهمان إلى محكمة الجنايات التي قضت بإعدامهما، قبل أن تؤيد محكمة النقض الحكم وتنفذ العقوبة في أغسطس 2025.
وبين الدراما والواقع، تبقى الحقيقة أكثر قسوة وتفاصيلها أشد وقعًا… بينما يظل اسم شيماء جمال حاضرًا كلما عاد الحديث عن واحدة من أكثر القضايا بشاعة وتعقيدًا في السنوات الأخيرة.













0 تعليق