كل هذا الرُّقىّ.. كل هذا الجَمال

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

السبت 22/نوفمبر/2025 - 11:32 ص 11/22/2025 11:32:20 AM

كتبت عن «دولة التلاوة» قبل أن نشاهد حلقات مكتملة منها بأسابيع، وذلك حين كنت أتابع الفقرات المنفصلة التى تم تسجيلها خلال مراحل التبارى الأولية وبثتها قنوات المتحدة بين فقراتها المختلفة ما هيأنا نحن- المشاهدين- لترقب حدث إبداعى راق أتانا بعد فترة تشويق- أو قل تسويق- ذكية من القائمين على المسابقة وقنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية فلم يخذل توقعاتنا.
برنامج أو مسابقة تأخرت كثيرًا فى الظهور على شاشاتنا فأعطت صناع الإعلام فى كل قنواتنا رسالة واضحة مبينة تقول إن هناك محتوى آخر يستطيع أن يشد الانتباه ويحظى باهتمام قاعدة كبيرة من الجمهور، على خلاف تلك البرامج التى سادت منذ سنوات ونالت مساحات كبيرة من ساعات الهواء والإنفاق السخى، كبرامج الكرة أو برامج الطهى، أو برامج النميمة الفنية فأحدثت شروخًا وتصدعات مجتمعية.
 برنامج يصنع نجومًا جددًا فى دولة التلاوة المصرية وهو فى ذات الوقت لا ينسى ساداتنا من أعلام القراء ومؤسسى هذه الدولة العريقة، إذ يحرص البرنامج فى كل حلقة على الاحتفاء بواحد من هؤلاء الأقطاب كالشيخ الحصرى والشيخ رفعت والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبدالباسط وغيرهم.
 برنامج يضم عددًا من المحكمين الأكفاء الذين أثبتوا خلال مداخلات لا تتجاوز الدقيقتين على الأكثر استحقاقا كبيرًا وجدارة بالجلوس على مقاعد المحكمين، وأكدوا أستاذية نالوها باقتدار صوتًا وأحكامًا وسلوكًا وسمتًا يليق بالقرآن وأهله. ملاحظات دقيقة كان يوجهها كل منهم فى حينه بإيجاز وبأدب شديد يليق بالقرآن وأهله، فلم يهينوا أيًا من المتسابقين كما لم يقسوا على هنات بعضهم. فتحية كبيرة للجنة التحكيم المكونة من فضيلة الشيخ الجليل حسن عبدالنبى وكيل لجنة مراجعة المصحف الشريف بالجامع الأزهر، والشيخ الذى أعاد اكتشاف نفسه خلال حلقات البرنامج الشيخ طه النعمانى، وكذلك الدكتور الرصين طه عبدالوهاب خبير الأصوات السخى فى ملاحظاته الدقيقة والحريص فى درجاته للمتسابقين.
 ذكاء من المعدين حين استعانوا بضيفى شرف قدمًا خواطر سريعة وتلغرافية حول الآيات التى يتلوها المتسابقون، فكان الشيخ جابر بغدادى والحبيب إلى قلبى الداعية مصطفى حسنى اختيارًا فى محله. ظنى أن هذه التجربة ستغير من شكل أداء الدعاة من مقدمى البرامج الدعوية فى المستقبل القريب، حيث لا يهتم المشاهد أو المستمع العادى بالعنعنات التى تطول وتخرج المتابع من الموضوع المطروح فى الأصل، كما أن تلك النوعية من البرامج لم تُعنَى كثيرًا بإيقاع العصر فانتهجت أسلوب الإطالة والمط والتطويل، الأمر الذى صرف قاعدة كبيرة من الجمهور عن متابعة تلك البرامج الدعوية. وعلى العكس من هذا كان أداء ضيفى الشرف رصينًا وسخيًا فى تفسير الآيات وتوضيح مدلولاتها رغم ضيق الوقت، فابلغا رسالة تقول إن الإيجاز فن لا يقدر عليه إلا أمثالهما، ممن يدركون إيقاع الشباب ورغباتهم وفق روح العصر ومتطلباته.
من الإنصاف كذلك أن نذكر فنشكر فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف، الداعم الأول والأب الروحى للمسابقة، التى استقبلت ١٤ ألف متسابق، والكاتب الصحفى النابه أحمد فائق المشرف العام على البرنامج الذى أخرج لنا أفضل ٣٢ متسابق أمتعتنا تلاواتهم كما أعجبتنا شخصياتهم، والإعجاب كذلك بالمخرج الكبير محمد عاطف الذى هو نسيج وحده فى إخراج هذا اللون البرامجى فكانت تتم الاستعانة به فى مسابقات على هذه الشاكلة فى كبرى القنوات الخليجية كمسابقة شاعر المليون وغيرها، ثم إنه الابن الأكبر لأستاذنا الإذاعى الكبير الراحل عاطف عبد العزيز نجم صوت العرب وصاحب برنامج تليفون آخر الليل.
أحيى كذلك كل التقنيين القائمين على البرنامج الذين كانوا وراء الشكل التليفزيونى المتميز بكل أدواته من ديكور وموسيقى ومونتاج وصوت وإخراج أيضًا، غير أننى أخص مهندس الإضاءة الذى شكل لوحة فنية خدمت على الديكور وأبرزت المتسابق وأعضاء لجنة التحكيم فى مزج رقيق جمع بين الهدوء والتركيز، فرسم لوحة متكاملة استلهمت فكرة ومعنى «نور» القرآن الكريم على الشاشة.
فى انتظار المزيد من الحلقات والأصوات والتلاوات من هذا البرنامج الرائع الذى يؤكد قوة مصر الناعمة بأصوات متميزة تجلى الأرواح وتهذب القلوب وتؤكد عظمة مصر وتثبت أنها «دولة التلاوة» عن جدارة واستحقاق.

ads
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق