"شينخوا": قمة العشرين في إفريقيا.. إشارة قوية إلى إعادة توازن القوى عالميًا

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رأت وكالة أنباء “شينخوا” الصينية، أن استضافة إفريقيا لقمة مجموعة العشرين للمرة الأولى يعد تحولا مهما في معادلة النفوذ الدولي، إذ يرى المراقبون أن هذا الحدث يوجه إشارة واضحة إلى إعادة توازن القوى عالميًا، مع ارتفاع توقعات المجتمع الدولي بأن تسهم الصين ودول الجنوب في صياغة توافق أوسع حول التعددية والتنمية الشاملة.
وأوضحت الوكالة - في سياق تقرير إخباري - أن قمة قادة مجموعة العشرين تعقد بعد قليل في جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، وهي الأولى من نوعها التي تُعقد على أرض أفريقية.

وتحت شعار "التضامن، المساواة، الاستدامة"، تُسلط القمة الضوء على اللحظة الراهنة لأفريقيا في سعيها لتعزيز حضورها في الحوكمة العالمية والنهوض بأولويات التنمية المشتركة بين بلدان الجنوب.

ويقول المراقبون إن هذا الحدث يعكس النفوذ المتزايد لأفريقيا وتوقعات المجتمع الدولي بأن تُسهم الصين وأعضاء آخرون في بلدان الجنوب في بناء توافق عالمي حول التعددية والتنمية الشاملة.

وتم الاحتفال بانضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين في عام 2023 في جميع أنحاء القارة باعتباره "لحظة أفريقية". 

والآن، ومع انعقاد قمة مجموعة العشرين في أفريقيا لأول مرة، يقول المحللون إنها تُشير إلى تحول تاريخي: فالدول الأفريقية تنتقل من دور المشاركين السلبيين إلى دور المساهمين النشطين في صياغة الأجندات العالمية.

وقال ألفين بوتس، نائب وزير العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا: "نعمل الآن جنبًا إلى جنب مع الاتحاد الأفريقي لتعزيز صوت أفريقيا في الحوكمة الاقتصادية العالمية، مع ضمان إدراج أولويات التنمية للقارة الأفريقية والجنوب العالمي بثبات في جدول أعمال مجموعة العشرين".

ومنذ توليها رئاسة مجموعة العشرين العام الماضي، سعت جنوب أفريقيا إلى توجيه القمة نحو دفع أجندة التنمية للجنوب العالمي، وخاصةً البلدان الأفريقية، وحددت أربع أولويات، وهي: تعزيز القدرة على مواجهة الكوارث والاستجابة لها، واتخاذ إجراءات لضمان استدامة ديون البلدان منخفضة الدخل، وتعبئة التمويل من أجل انتقال عادل في مجال الطاقة، وتسخير المعادن الأساسية لتحقيق نمو شامل وتنمية مستدامة.

بدوره، قال مومار ديونج، المدير العام لوكالة الأنباء السنغالية: "إن انعقاد مجموعة العشرين لأول مرة في القارة الأفريقية له دلالة رمزية بالغة الأهمية، ولكنه أيضًا ذو أهمية استراتيجية: فهو يضع أولوياتنا الاقتصادية في صميم المناقشات العالمية"، مضيفا أنه "بفضل التكامل الإقليمي أصبحت أفريقيا قوة دافعة في تقديم المقترحات".

من جانبه، قال بيتر كاجوانجا، الرئيس التنفيذي لمعهد سياسات أفريقيا، وهو مركز أبحاث في كينيا: "إن المشاركة المتنامية لأفريقيا في عمليات صنع القرار العالمية تُمثل تحولًا هامًا في النظام الدولي، حيث إن دول الجنوب العالمي، التي كانت مهمشة ومستبعدة من المناقشات الرئيسية، كتلك التي تُركز على الإصلاحات المالية، واستدامة الديون، وتغير المناخ، تُؤكد الآن على صوتها وتأثيرها بجرأة، وتشارك بشكل كامل في حل تلك التحديات".

وفي ظل تغيرات سريعة غير مسبوقة منذ قرن، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، واتساع عجز التنمية، تُكافح الدول الأفريقية صدمات مناخية، وتزايد الديون، وضغوط أخرى.. وقال خبراء أفارقة إن قمة جوهانسبرج ستُسهم في تعزيز التعاون، ودعم تنمية أفريقيا، وتقديم "منظور أفريقي" لمواجهة التحديات العالمية.

ورأى رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، أن قمة هذا العام تمثل فرصةً لوضع احتياجات أفريقيا وباقي بلدان الجنوب العالمي في صلب أجندة التنمية الدولية.

وقال رئيس جنوب أفريقيا: "نتوقع أن تعلن القمة التزامًا سياسيًا بمعالجة مواطن ضعف الديون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل"، مضيفًا أنه يتوقع أن يتضمن التوافق الذي تم التوصل إليه في هذا الحدث "التزامًا بتعزيز تنفيذ الإطار المشترك لمجموعة العشرين لمعالجة الديون بطريقة متوقعة وفي الوقت المناسب ومنسقة".

من ناحيته، قال ليمي نيونجيسا مولاكو، المحاضر في الدراسات الدولية بجامعة نيروبي: "تُتيح قمة مجموعة العشرين في القارة فرصة لبدء إصلاحات حقيقية تهدف إلى إعادة التوازن لهذه العلاقات من خلال إصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية".

وأضاف مولاكو: "تُتيح قمة مجموعة العشرين فرصة لشراكة أقوى بين الصين وأفريقيا ليس فقط لدفع حلول التكيف مع المناخ قدمًا، بل لترسيخها في مؤسسات وهياكل الحوكمة العالمية".

ويُشير المراقبون إلى أن أفريقيا قد أحرزت تقدمًا ملحوظًا في التحول الأخضر والاقتصاد الرقمي.. وكما قال ديفيد موجيشا بيجوميا، الأستاذ في الجامعة الدولية لشرق أفريقيا في أوغندا، فإن أفريقيا تمتلك إمكانات هائلة في مواجهة تحديات المناخ العالمي، مما يجعلها مصدرًا متناميًا للحلول الخضراء.

وفي وقت تقف فيه إصلاحات الحوكمة العالمية عند مفترق طرق، يُعد ضمان مشاركة الدول النامية على قدم المساواة في صنع القرارات الرئيسية المتعلقة بالحوكمة العالمية أمرًا أساسيًا لتحقيق حوكمة عادلة وفعالة.

قال ياربان خراشي، مستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي في موريتانيا، إن الصين كانت "الداعم الأكبر والأساسي" لتعزيز نظام دولي أكثر عدلًا وإنصافًا، مشيرًا إلى دعم بكين المبكر لانضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين.

وقبيل انعقاد القمة، أعلنت الولايات المتحدة قرارها بعدم المشاركة في الحدث، وحذرت جنوب أفريقيا من السعي لإصدار بيان مشترك.. وقال رامافوزا ردًا على ذلك: "سياسة المقاطعة لا تجدي نفعًا. إذا قاطعت فعالية، فستخسر لأن العرض سيستمر".

ويُلاحظ محللون أفارقة أن هذا يُؤكد مجددًا على الحاجة الملحة لإصلاح الحوكمة العالمية. ويقولون إن موقف جنوب أفريقيا الحازم يعكس تصميم دول الجنوب العالمي على السعي من أجل نظام حوكمة عالمي أكثر عدلًا، واستبدال الهيمنة الأحادية بالتعاون متعدد الأطراف.

وقال ديفيد مونياي، مدير مركز الدراسات الأفريقية الصينية بجامعة جوهانسبرج، إن الصين تُوظف ثروتها الثقافية والفكرية المتميزة، مقدمةً رؤى بديلة حول الحوكمة والتنمية العالميتين، مضيفا: "يُجسد هذا النهج مبدأ مساواة جميع الحضارات، وهو مبدأ ينبغي أن يرشد أفريقيا ودول الجنوب العالمي الأخرى في صياغة أجندات التنمية والحوكمة بشكل تعاوني".
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق