في عقار قديم بمنطقة الهرم، كانت الحياة تسير ببطء مألوف، أبواب تفتح وتغلق، سكان يمرون دون أن يلتفتوا كثيرًا، وروتين لا يتغير، لكن شقة بعينها كانت تحمل الحكاية، حين ظهرت خلافات حول مصروفات صيانة عامة، مبلغ بسيط لكنه تحول إلى نزاع يومي بين ابنة المجني عليه، فتاة تعمل في مجال التجميل، وبين أحد سكان العقار.
لم تكن المشكلة في المال، بل في العناد الذي تسلل بين الطرفين، حتى اختنق الجو وتطايرت الكلمات من شرفة إلى أخرى، وعندما عجزت الفتاة عن تهدئة الوضع، لم تجد إلا والدها.
كان الأب المهندس، رغم سنوات التقاعد، يمتلك ذلك الحضور الهادئ الذي يعيد الأشياء إلى حجمها الطبيعي.
خرج من بيته متكئا على خبرة عمر طويل، ولم يكن يدري أنه يتجه بقدميه إلى المشهد الأخير، وصل الأب إلى العقار، لم يأتِ لينتصر لطرف، بل ليعيد للحديث وزنه، وقف وسط الوجوه المتوترة، محاولًا أن يجمع الأطراف في مساحة مشتركة.
لكن المتهم، الذي كان الغضب يعصف به، لم يستقبل كلمات الرجل بالاحترام الذي يستحقه سنه، ثار في لحظة، واقترب بخطوات مضطربة، وأطلق جملة حادة أشعلت المشهد كله، لم يرد الأب فقط حاول أن يحسم الجدال، لكن يدا فلتت من عقل صاحبها، وارتفعت فجأة، قبل أن تسقط على وجهه في صفعة واحدة على وجه المسن أنهت كل شيء، حيث سقط الرجل المسن جثة هامدة في الحال.
كان كل شيء يمكن تجاوزه، ولكن خلاف عابر، كلمات حادة، باب شقة يعلو خلفه صوت متوتر، لكن ما لم يكن في الحسبان أن يقف الزمن عند لحظة واحدة فقط لحظة امتدت فيها يد عابثة، فارتج على أثرها جسد رجل ستيني قضى سنوات عمره يرمم بيوت الآخرين، بينما انهار بيته الداخلي في ثانية.
في منتصف النهار، وأمام أعين ابنته، سقط الأب على رخام بارد، ليس لأن الصفعة كانت قوية بل لأن القدر كان أسرع من الجميع.
صفعة الموت
تعود البداية إلى تلقي المقدم مصطفى الدكر رئيس مباحث قسم شرطة الهرم إشارة من غرفة عمليات النجدة تفيد العثور على رجل في العقد السادس من العمر فاقدا للوعي أمام أحد العقارات بدائرة القسم.
وانتقلت قوة من وحدة المباحث إلى موقع البلاغ، وتبين من الفحص أن الضحية مهندس على المعاش، كان قد حضر لمساندة ابنته التي تستأجر شقة للعلاج والتجميل داخل نفس العقار، وذلك بعد نشوب خلاف بينها وبين بعض السكان حول مبلغ 1500 جنيه يخص مصروفات الصيانة.
وبحسب ما أكدته التحريات الأولية، فقد تطور النقاش إلى مشادة بين الأب وأحد سكان العقار، أقدم خلالها الأخير على توجيه «صفعة» للمسن فسقط مغشيا عليه ولفظ أنفاسه في الحال.
وأسفرت جهود البحث عن تحديد هوية المتهم وضبطه، بينما يواصل رجال المباحث سؤال الشهود وتفريغ كاميرات المراقبة المحيطة للوقوف على كواليس الواقعة.
وتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات التي أمرت بحبس المتهم 4 أيام احتياطياً علي ذمة التحقيقات.
0 تعليق