الجمال فى الفن

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

السبت 15/نوفمبر/2025 - 07:35 م 11/15/2025 7:35:18 PM

 ما زالت العلاقة بين الفن والجمال موضوعًا مفتوحًا للاجتهاد والتفكير تعددت فيه الرؤى، وفى ذلك المضمار كان الفيلسوف الألمانى «إيمانويل كانط» يرى أنه لا غاية للفن سوى المتعة الجمالية الخالصة، أى أن الجمال يتجلى فى الفن. 

لكن ما هو الجمال؟ لم يكن أحد على يقين من تعريف واضح للجمال، وعلى سبيل المثال فقد ربط أفلاطون بين الجمال والخير والحق، وربط آخرون الجمال بمفاهيم فيزيائية جسدية كالقول بأن ما يسر العين جميل، وربطه آخرون بالنفسية، وغير ذلك. وخلال ذلك لم يظهر مصطلح «علم الجمال» بصفته علمًا مستقلًا عن الفلسفة إلا عام ١٧٥٠ مع كتاب ألكسندر جوتليب باومجارتن «علم الجمال»، وفيه اعتبر الكاتب أن الجمال يقوم على منطق الشعور خلافًا لمنطق العقل، وتوالت الأبحاث فى ذلك المجال، لعل من أهمها كتب الفيلسوف الفرنسى شارل لالو «مبادئ علم الجمال» و«الفن والحياة الاجتماعية» الذى يجتهد لرؤية ارتباط المفاهيم الجمالية بالشروط الاجتماعية. 

ولكن هناك مقالًا بديعًا فى ذلك الموضوع كتبه ليف تولستوى، مؤلف «الحرب والسلام»، يطرح فيه الموضوع ليس فقط ببساطة ولكن بعمق وفهم نادرين، ويقول فى ذلك إن «كل إنسان بسيط مقتنع تمام الاقتناع بأن الجمال هو مضمون الفن»، فإذا سألت ذلك الإنسان هل يعتبر أن الأوبريت والباليه أيضًا من الفنون؟ سيرد عليك لكن بنوع من الشك: «نعم». ويضيف: «وقد تعددت محاولات تحديد (الجمال المطلق فى حد ذاته) بدءًا من القول بأنه (محاكاة الطبيعة)، و(التوافق والتلاؤم)، و(ترتيب الأجزاء على نحو متماثل) (السيمترية)، و(التناسق والانسجام)، و(وحدة التنوع)، إلى آخر كل ذلك، والحق أن كل تلك التفسيرات إما أنها لا تحدد شيئًا على الإطلاق، أو أنها تلتقط وتحدد فقط بعض الملامح المميزة لبعض من حالات الإبداع الفنى، ومن ثم فهى لا تشمل كل جوانب ما اعتبره الناس دومًا، وما يعتبرونه الآن، (الفن). والحق أنه ليس لدينا حتى الآن تحديد موضوعى للجمال. أما نظرية الفن، القائمة على (الجمال)، والتى تطرح نفسها فى ملامح جمالية مبهمة، فإنها لا تزيد فى الحقيقة عن كونها اعترافًا بأن الفن الجيد هو ما يعجب الناس، أى ما يعجب وسطًا محددًا من الناس». 

ويصل تولستوى إلى أن الجمال مفهوم نسبى، ومتغير، ويدلل على ذلك بأن الباليه الذى يعجب به الجمهور فى فرنسا لن يلقى أى إعجاب إذا عُرض على قبيلة فى إفريقيا، ويتغير مفهوم الجمال حتى بالنسبة إلى المرأة، وكانت البدانة فى وقت ما من ملامح جمال المرأة، وهكذا فإن الجمال متغير، وفى علاقته بالفن يمثل جزءًا يُعبّر به الفن عن رسالته الحقيقية، وهى التواصل بين البشر، ويتوسل الفن بالجمال لكى يبلغ غايته الحقيقية.

ads
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق