يتجه العراقيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في الانتخابات التشريعية، وسط مشهدٍ سياسي معقّد تتنازعه الكتل الكبيرة وصراعات النفوذ.
ورغم الوعود التي حملتها صناديق التصويت ذات يوم بأنها ستكون مفتاحاً للتغيير، فإنها باتت، في نظر كثير من العراقيين، مسرحاً لتكرار الوجوه والخيبات.
وتعززت نزعة العزوف الشعبي بعد دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى مقاطعة الانتخابات، ما جعل نسب المشاركة موضع ترقب كبير.
تصويت خاص ونسبة مشاركة مرتفعة في صفوف القوات الأمنية
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة في التصويت الخاص الذي جرى في 18 محافظة عراقية بلغت أكثر من 82 في المئة، وشمل منتسبي الدفاع والداخلية وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد الشعبي والبيشمركة.
وتسعى القوى المتنافسة، وعددها العشرات، إلى حصد مقاعد البرلمان الـ329 وإعادة رسم موازين القوى التي ستحدد شكل الحكومة المقبلة، في وقتٍ يسعى فيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للحصول على ولاية ثانية، مستنداً إلى رصيده في ملفات الإعمار والخدمات.
إيران والمالكي.. ظلال النفوذ الإقليمي والعودة إلى المكوّن الأكبر
ويرى مراقبون أن إيران لا تعتبر السوداني خصماً لمصالحها، بعكس ما كان يُخشى في بدايات ولايته.
وفي المقابل، يبرز اسم نوري المالكي كمنافسٍ شرسٍ يراهن على قاعدة "المكوّن الأكبر"، ساعياً لاستعادة موقعه داخل المشهد السياسي.
وفي ظلّ هذا الصراع، يدور النقاش حول ملف السلاح خارج الدولة، إذ ناقش برنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية" مستقبل هذا الملف الشائك، ومدى قدرة الحكومة المقبلة على حصر السلاح بيد الدولة فقط.
الفصائل المسلحة والانتخابات.. معادلة النفوذ والتهديد المستمر
الكاتب الصحفي أحمد الشيخ ماجد أكد أن "ملف الفصائل المسلحة لن يُحل قريباً"، مشيراً إلى أن تلك الفصائل تعيد التلويح بالسلاح كلما شعرت بتهديدٍ لمصالحها.
وقال إن الحكومات العراقية السابقة كلها اضطرت إلى عقد تحالفات غير معلنة مع الفصائل تجنباً لتوترات أمنية، وهو ما ينعكس على المشهد الانتخابي الحالي.
إحباط شعبي وقانون انتخابي يعيد إنتاج النخب
ويتوقع الشيخ ماجد مقاطعة واسعة بسبب الإحباط الشعبي من تجربة 2021، مؤكداً أن "الفائز في الانتخابات لا يشكّل الحكومة، مما يفقد العملية معناها لدى المواطنين".
وأشار إلى أن تعديل قانون الانتخابات وعودة اعتماد نظام سانت ليجو يصبّ في مصلحة الأحزاب الكبرى ويقلّص فرص المستقلين، وهو ما يرسّخ شعوراً عاماً بأن النتائج محسومة مسبقاً.
اختبار حقيقي
في ظل هذه المعادلة المعقدة، يقف العراق اليوم أمام اختبار حقيقي لديمقراطيته الهشة، بين صناديقٍ تحمل وعد التغيير من جهة، وشبكات نفوذٍ راسخة من جهة أخرى، لتبقى الأسئلة مفتوحة حول من سيملك القرار في بغداد غداً: صوت المواطن أم صوت السلاح؟

















0 تعليق