وُلد الأنبا مينا، مطران جرجا (قزمان إسحق صرابامون قبل الرهبنة)، في ٩ مايو ١٩١٩م بقرية الرحمانية قبلي – مركز نجع حمادي – محافظة قنا، ونشأ في أسرة مسيحية تقيّة.
والده إسحق صرابامون كان يعمل بالزراعة، وأمه “ملوك” ربّت أبناءها على الصلاة وحب الكنيسة.
منذ طفولته، كان قزمان مولعًا بحضور القداسات وحفظ الألحان الكنسية، وكان يزور باستمرار دير الأنبا بلامون السائح بالأقصر، حتى امتلأت حياته بالروحانية والعبادة.
بداية الطريق نحو الرهبنة
التحق بالمدرسة الابتدائية ثم عمل بالزراعة والخياطة، وكان زوج عمته، ميساك يوسف، يحكي له سير القديسين والرهبان، فاشتعل قلبه بمحبة الرهبنة. حاول في البداية الانضمام إلى دير الأنبا أنطونيوس، لكن لحداثة سنه لم يُقبل، فعاد لاحقًا وهو في التاسعة عشرة، ثم اتجه إلى دير الأنبا مقار بوادي النطرون حيث ترهب في ٣٠ أبريل ١٩٣٩م باسم “الراهب لوقا المقاري”.
تتلمذ على أيدي شيوخ الدير القدامى منهم الراهب فليمون المقاري، وتولى عمل القربان في الدير.
ورُسم قسًا في ١٨ نوفمبر ١٩٣٩م، ثم قمصًا عام ١٩٤٣م، ليصبح أمينًا على دير الأنبا مقار.
خدمة رعوية ممتدة في أنحاء مصر
بدأ خدمته في مدرسة الرهبان بحلوان تحت رعاية القمص ميخائيل مينا، وتعرّف خلالها على عدد من الأساقفة المستقبليين.
ثم انتقل إلى صعيد مصر مع الأنبا إبرام مطران الأقصر لتعمير دير القديس متاؤس الفاخوري، حيث خدم القرى المجاورة، ورسم صورة للقديس ما زالت محفوظة بالدير.
كما خدم في كنائس متعددة منها كنيسة العذراء بإسنا، وكنيسة مارجرجس بمنشية غالي بالشرقية، ثم بالدقي، حيث اختاره البابا كيرلس السادس سكرتيرًا له.
سيامته مطرانًا لجرجا
في ٧ أغسطس ١٩٦٠م، رُسم الأنبا مينا مطرانًا على كرسي جرجا بيد قداسة البابا كيرلس السادس، تحقيقًا لنبوءة أب اعترافه القس عبد المسيح المقاري.
عُرف الأنبا مينا بورعه وتقواه العميقة، واتسم بالتواضع وإنكار الذات، وكان يُعرف بـ”صاحب الباب المفتوح” لكرمه واستقباله الجميع.
عاش حياة صلاة وصوم دائم، حتى صار من لُباس الإسكيم، وكان نباتيًا زاهدًا في المأكل والمظهر.
إنجازات رعوية وإنسانية خالدة
خلال خدمته، أنشأ ورمّم ٣٦ كنيسة وديرًا، واشترى المطرانية الجديدة، وعمّر دير الملاك الشرقي بجرجا.
كما أسّس مشروعات خدمية عديدة منها مستشفى الأنبا مينا الخيري، ومشغل لتعليم الفتيات أعمال الإبرة والتدبير المنزلي، وبيوت للمغتربات، وقاعات مناسبات.
كتب العديد من المؤلفات الروحية، منها أقوال مار إسحق السرياني وسير القديسين، وأسهم في نشر التعليم الكنسي بين الشباب والكهنة.
حياة نسكية وصلاة حتى النياحة
قضى فترة توحد في قرية المناهرة بين عامي ١٩٧٦ و١٩٨١م، وأعاد جسد القديس القس عبد المسيح المقاري إلى كنيسته الحالية.
وفي أواخر أيامه، استقر في دير رئيس الملائكة ميخائيل بجرجا حيث أكمل عمرانه، وظل يجاهد بالصلاة والصوم رغم المرض إلى أن تنيح بسلام صباح الجمعة ٧ نوفمبر ٢٠٠٣م بمستشفى الحياة بالقاهرة، عن عمر ناهز ٨٤ عامًا.















0 تعليق