ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة، مؤكدا أن مصر حققت إنجازات غير مسبوقة في مجالات الصحة العامة والحماية الاجتماعية، رغم التحديات الاقتصادية والظروف الإقليمية المعقدة.
القضاء على فيروس "سي" والتوسع في التأمين الصحي الشامل
استهل رئيس الوزراء كلمته بالإشارة إلى النجاح الكبير الذي حققته مصر في القضاء التام على فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، وهو إنجاز حظي بإشادة دولية باعتباره تجربة رائدة في مجال الرعاية الصحية العامة.
وأوضح مدبولي أن الدولة المصرية تبنّت خلال السنوات الماضية استراتيجية متكاملة لإصلاح القطاع الصحي، شملت إطلاق مبادرات قومية ضخمة، من أبرزها مبادرة "100 مليون صحة" التي غطّت جميع المحافظات المصرية، وأسهمت في الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة وعلاجها مجانًا للمواطنين.
كما أشار إلى التوسع التدريجي في منظومة التأمين الصحي الشامل التي تمثل أحد أهم المشروعات الوطنية في مصر، مؤكّدًا أن هذا النظام يستهدف تحقيق العدالة في الحصول على الخدمات الصحية لجميع المواطنين دون تفرقة، بما يعزز مفهوم الاستثمار في رأس المال البشري كأحد ركائز التنمية المستدامة.
نهج شامل لمعالجة الفقر بجميع أبعاده
وأكد مدبولي أن الحكومة المصرية تطبق نهجا شاملا ومتكاملا للقضاء على الفقر في جميع أشكاله وأبعاده، مشيرًا إلى أن مفهوم الفقر في السياسات الحديثة لم يعد مقصورًا على الدخل فقط، بل يشمل الجوانب التعليمية والصحية والمعيشية.
وأوضح أن هذا النهج يستند إلى سياسات حماية اجتماعية متعددة المحاور، تشمل تحسين مستوى المعيشة، وتوفير فرص العمل، وتوسيع مظلة الدعم للفئات الأولى بالرعاية، إلى جانب تطوير الخدمات الأساسية في القرى والمناطق النائية.
وأشار إلى أن برنامج "حياة كريمة" يعد نموذجًا عمليًا لتطبيق هذا النهج، حيث يعمل على تطوير الريف المصري ورفع كفاءة الخدمات التعليمية والصحية والبنية التحتية في أكثر من 4,500 قرية، بما يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة بين جميع المحافظات.
إعداد إطار وطني للحماية الاجتماعية
أعلن رئيس الوزراء خلال كلمته أن الحكومة بصدد إعداد إطار وطني شامل للحماية الاجتماعية في مصر، باعتباره "ممكنًا أساسيًا معاصرًا للنمو المستدام والشامل"، موضحًا أن هذا الإطار الجديد سيرتكز على الاستثمار في رأس المال البشري، وتعزيز قدرات الأفراد على الإنتاج والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن هذا الإطار يهدف إلى تحقيق تكامل السياسات الاجتماعية والاقتصادية، بحيث تُوجَّه الموارد بكفاءة أكبر لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، وتحسين جودة الخدمات العامة، وخلق شبكات أمان اجتماعي مستدامة تتواكب مع التغيرات العالمية.
المنطقة تواجه ظروفا استثنائية معقدة
ولم يغفل مدبولي الإشارة إلى التحديات الإقليمية التي تواجهها المنطقة، مؤكدًا أن العالم والمنطقة العربية يمران بظروف استثنائية شديدة التعقيد نتيجة التوترات الجيوسياسية، وتداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، وآثار تغير المناخ.
وشدّد على أن هذه الأوضاع تفرض على الدول تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتبادل الخبرات لمواجهة التحديات المشتركة التي تعوق جهود التنمية، سواء في مجالات الصحة أو التعليم أو الأمن الغذائي.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مصر، رغم هذه التحديات، ما زالت تحقق تقدمًا ثابتًا في مسار التنمية المستدامة، بفضل الإرادة السياسية القوية والرؤية الوطنية التي تضع الإنسان في قلب عملية التنمية.
رؤية مصر: الإنسان محور التنمية
واختتم مدبولي كلمته بالتأكيد على أن رؤية مصر 2030 ترتكز على بناء إنسان مصري يتمتع بالصحة والتعليم والكرامة، وأن الدولة مستمرة في تعزيز منظومة العدالة الاجتماعية عبر إصلاحات اقتصادية متوازنة وبرامج تنموية شاملة.
وأكد أن مصر ستواصل العمل بروح الشراكة مع المجتمع الدولي من أجل تحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية عادلة وشاملة، تضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة، وتدعم الاستقرار والنمو في المنطقة والعالم.












0 تعليق