أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن العالم والمنطقة العربية يمران بمرحلة دقيقة تموج بالعديد من الأزمات السياسية والاقتصادية المتشابكة، موضحًا أن انعقاد القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في العاصمة القطرية الدوحة، يأتي في وقت يشهد تحديات غير مسبوقة تهدد مسارات التنمية في العالم أجمع.
وأوضح مدبولي في كلمته التي ألقاها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر تتبنى نهجا متكاملا لتحقيق التنمية الشاملة، يرتكز على العدالة الاجتماعية، وتمكين الفئات الأولى بالرعاية، وتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والبعد الإنساني.
ظروف عالمية استثنائية وتحديات تنموية معقدة
قال رئيس الوزراء إن المنطقة والعالم يشهدان ظروفا استثنائية شديدة التعقيد، تتداخل فيها الأزمات السياسية مع التحديات الاقتصادية والإنسانية، ما يتطلب تكاتفًا دوليًا وجهدًا مشتركًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن القمة تمثل فرصة لتجديد الالتزام الدولي بمبادئ التنمية الاجتماعية العادلة والشاملة، مؤكدًا أن مصر تؤمن بمبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة في تحقيق التنمية، بحيث تتحمل كل دولة نصيبها وفقًا لقدراتها الاقتصادية ومستوى تقدمها.
"تكافل وكرامة".. حماية اجتماعية تحولت إلى حق قانوني
وأوضح الدكتور مدبولي أن الدولة المصرية نجحت في ترسيخ منظومة الحماية الاجتماعية عبر مجموعة من البرامج الرائدة، يأتي في مقدمتها برنامج "تكافل وكرامة"، الذي لم يعد مجرد مبادرة مؤقتة، بل أصبح حقًا تشريعيًا ينظمه القانون ويكفل للفئات المستحقة دعماً دائماً يحقق الكرامة الإنسانية ويعزز العدالة الاجتماعية.
وأشار إلى أن البرنامج يغطي ملايين الأسر في جميع المحافظات، ما يجعله أحد أضخم برامج الدعم الاجتماعي في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن مصر تمضي نحو تحويل الدعم من رعاية مؤقتة إلى تمكين اقتصادي دائم.
"حياة كريمة".. تطوير شامل للريف المصري
وتحدث مدبولي عن مبادرة "حياة كريمة"، التي وصفها بأنها المشروع القومي الأضخم في تاريخ مصر الحديث، حيث تهدف إلى تطوير الريف المصري وتحسين جودة الحياة لأكثر من 60 مليون مواطن في مختلف المحافظات.
وأوضح أن المبادرة لا تقتصر على تحسين البنية التحتية والخدمات فقط، بل تمتد إلى خلق فرص عمل جديدة وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يسهم في تمكين المواطن اقتصاديًا واجتماعيًا داخل مجتمعه المحلي.
وأكد أن الدولة تعمل على تحويل القرى إلى مراكز إنتاجية وتنموية عبر دعم الحرف والصناعات الزراعية والبيئية، مشيرًا إلى أن هذا النهج يعكس فلسفة الدولة في الربط بين الحماية الاجتماعية والتنمية المستدامة.
إنجاز صحي تاريخي: القضاء على فيروس "سي"
واستعرض رئيس الوزراء أحد أبرز الإنجازات الوطنية، وهو القضاء التام على فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، الذي كان يمثل قبل سنوات أزمة صحية كبرى تهدد حياة ملايين المصريين.
وأكد أن مصر استطاعت، من خلال مبادرة "100 مليون صحة"، أن تحقق إنجازًا عالميًا شهدت به منظمة الصحة العالمية، حيث تم فحص عشرات الملايين من المواطنين وتوفير العلاج المجاني لكل مصاب، حتى أعلنت المنظمة رسميًا خلو مصر من المرض.
وأشار إلى أن هذا النجاح يعكس التزام الدولة المصرية بتعزيز الصحة العامة كأحد أعمدة التنمية البشرية، وأن التجربة المصرية أصبحت نموذجًا يحتذى به عالميًا في مكافحة الأوبئة وتحقيق العدالة الصحية.
الربط بين الحماية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية
وشدد مدبولي على أن مصر تعمل وفق سياسة شاملة تربط بين الحماية والتنمية والتمكين الاقتصادي، انطلاقًا من رؤية وطنية تضع الإنسان المصري في قلب عملية التنمية.
وأوضح أن الدولة تسعى إلى تحويل برامج الحماية الاجتماعية إلى أدوات إنتاج وتمكين، من خلال دمج المستفيدين في سوق العمل، ودعم المشروعات الصغيرة، وتوفير برامج تدريب وتأهيل مهني لرفع قدراتهم الاقتصادية.
وأضاف أن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق دون تمكين المواطنين من الاعتماد على أنفسهم وتحسين دخولهم، وهو ما يمثل جوهر رؤية مصر 2030 في بناء مجتمع منتج ومتكافل.
رؤية مصر للمستقبل: تنمية شاملة بقيادة الإنسان
واختتم رئيس الوزراء كلمته بالتأكيد على أن مصر ستواصل نهجها القائم على الاستثمار في الإنسان كأهم ثروة وطنية، مشيرًا إلى أن الدولة تضع التعليم والصحة والعمل الكريم في مقدمة أولوياتها التنموية.
وأكد أن التجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي أثبتت قدرتها على تحقيق توازن بين النمو والتنمية الاجتماعية، وأن مصر ستظل شريكًا فاعلًا في الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق العدالة والتنمية الشاملة.












0 تعليق