المواطنة فى مصر الجديدة

الإثنين 27/أكتوبر/2025 - 07:14 م 10/27/2025 7:14:34 PM

 تمثل المواطنة فى جوهرها العقد الاجتماعى غير المكتوب الذى يربط الفرد بوطنه ودولته، وهى ليست مجرد حقوق وواجبات قانونية، بل هى منظومة قيم عميقة من الانتماء والمسئولية والمساواة. وفى مسيرة الجمهورية الجديدة، تتجلى جهود مصر بوضوح لتجسيد هذا المفهوم النبيل. فقد تم تحويل الشعارات إلى واقع ملموس يعيشه كل مواطن على أرض مصر. إن التجربة المعاصرة، طبقًا للدستور تقدم نموذجًا للدولة التى تسعى بجدية لترسيخ المواطنة الحقيقية كركيزة أساسية لبناء مجتمع متماسك ومستقر. 

ويعد الدستور نقطة تحول مفصلية، حيث نص صراحة فى مادته الأولى على أن نظام الدولة يقوم على أساس «المواطنة وسيادة القانون». هذا النص هو التزام دستورى بضمان المساواة التامة بين جميع المصريين أمام القانون، دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الانتماء السياسى أو أى سبب آخر. وتتجسد هذه المساواة فى الممارسة اليومية عبر جهود الدولة لتمكين جميع الفئات، فالمرأة المصرية استعادت مكانتها وحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل غير مسبوق، وارتفعت نسبة تمثيلها فى البرلمان بشكل ملحوظ، كما حظى الشباب وذوو الهمم بأولوية فى برامج التمكين والمشاركة، وهو ما يعكس قناعة راسخة بأن قوة الوطن تكمن فى احتضان جميع أبنائه وتمكينهم.

ويشكل البعد الاجتماعى للمواطنة فى مصر لوحة فنية فريدة من التعايش والتسامح. فمصر بذاكرتها التاريخية وحضارتها العريقة، هى وطن مشترك لكل المصريين. ويبرز تجسيد المواطنة فى العلاقة بين مسلمى ومسيحيى مصر، التى تقوم على الوحدة الوطنية والمحبة. وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورًا نوعيًا فى هذا الملف، أبرزه إصدار قانون بناء الكنائس وتقنين أوضاعها، وحضور القيادة السياسية الاحتفالات الدينية للأقباط، وهى خطوات رمزية وعملية تؤكد أن حق المواطن فى ممارسة شعائره الدينية مكفول ومحمى، وأن الجميع شركاء فى بناء الوطن، وأن التنوع هو مصدر قوة وإثراء للنسيج الوطنى. إن هذا الإيمان بالتعددية يترسخ فى المناهج التعليمية التى تسعى لترسيخ قيم التسامح ونبذ التمييز منذ الصغر.

إن المواطنة الحقيقية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتمتع المواطن بكل حقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفى هذا الإطار أطلقت مصر «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» التى تعد إطارًا شاملًا لتعزيز وحماية حقوق المواطنين. كما تنعكس المواطنة فى حرص الدولة على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال مشروعات التنمية الشاملة التى تستهدف سد الفجوات بين الفئات والمناطق المختلفة. وتبرز مبادرات مثل «حياة كريمة» و«تكافل وكرامة» كأمثلة على الجهود المبذولة لتوفير الخدمات الأساسية والحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا، بما يضمن لهم حياة كريمة وفرصًا متكافئة، فالمواطن الذى يشعر بالأمن الاقتصادى والاجتماعى والصحى هو مواطن أكثر انتماءً وقدرة على المشاركة الإيجابية.

ولا تكتمل المواطنة إلا بالمشاركة الفاعلة من قبل الأفراد. فالمواطن الحقيقى فى مصر الجديدة ليس مجرد مستهلك للحقوق، بل هو شريك فى المسئولية. ويتم ذلك من خلال المشاركة السياسية فى الانتخابات والاستفتاءات، والعمل التطوعى فى المبادرات الوطنية، والمساهمة فى المراقبة والمساءلة الإيجابية، كلها مظاهر لمواطنة فعالة. كما أن دعم جهود الدولة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية الممتلكات العامة واحترام القانون يمثل جوهر الواجبات. إن العلاقة بين الدولة والمواطن فى مصر تتجه نحو شراكة حقيقية تهدف إلى تحقيق الجمهورية الجديدة، التى تبنى بسواعد جميع أبنائها على أسس راسخة من العدل والحرية والكرامة الإنسانية. إن مسيرة مصر نحو تجسيد معنى المواطنة الحقيقية هى رحلة مستمرة ومتكاملة، تعتمد على الإرادة السياسية الواعية والجهود المؤسسية والوعى المجتمعى المتنامى. فالمواطنة فى مصر بتاريخها الممتد وتطلعاتها للمستقبل هى رسالة للعالم بأن الوحدة فى التنوع ممكنة، وأن الدولة القوية هى تلك التى تحتضن جميع مواطنيها على قدم المساواة، وتضمن لهم الحقوق، وتحملهم المسئوليات. وتظل مصر، بجميع طوائفها وأجيالها، تمضى قدمًا نحو ترسيخ هذه القيمة، مؤكدة أن الوطن هو بيت الجميع، وأن الولاء الحقيقى ينبع من الشعور بالعدل والمساواة والانتماء الصادق لهذا البلد العظيم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الرئيس السيسي: مصر اليوم تمثل فرصة حقيقية وملموسة أمام مجتمع الأعمال الأوروبي
التالى وزير السياحة والآثار يلتقي نظيره الأنجولي في بروكسل