الخميس 23/أكتوبر/2025 - 08:18 م 10/23/2025 8:18:04 PM

حذّر الدكتور أسامة علي ماهر، خبير الصحة البيئية في منظمة الصحة العالمية (المكتب الإقليمي لشرق المتوسط)، من أن أخطر تهديد يواجه صحة الإنسان «لا يُرى بالعين المجرّدة»، مؤكدًا في مقابلة بثّتها قناة فرانس 24 بالعربية أن تلوّث الهواء يفاقم عبء المرض والموت المبكر في المنطقة والعالم. وقال: «تلوث الهواء أصبح الوباء الصامت لجيلنا… إنه يقتل أكثر من الحروب والجوع والكوارث مجتمعة، ولكن لأن ضحاياه يموتون في صمت، لا نتحرك».
وأوضح ماهر أن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أكثر المناطق تضررًا بفعل تداخل النمو السكاني السريع، وضعف إنفاذ المعايير البيئية، والاعتماد المرتفع على الوقود الأحفوري، ما يرفع تركيزات الجسيمات الدقيقة إلى مستويات تتجاوز الحدود الآمنة التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية مراتٍ عدة. ولا يقتصر الأثر على أمراض الجهاز التنفسي والقلب، بل يمتد—بحسبه—إلى زيادة معدلات السرطان واضطرابات الجهاز العصبي ومضاعفات الحمل، «ونرى تكلفة هذا الإهمال كل يوم في المستشفيات والمدارس».
ولفت إلى أن خطورة التلوّث تتعاظم لكونه «طارئًا غير مرئي» لا ينتج صورًا درامية كما تفعل الكوارث الطبيعية، لكنه يتسبب—وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية—في نحو سبعة ملايين وفاة مبكرة سنويًا حول العالم. وأضاف: «الناس لا يفرون من الهواء الملوث، بل يتأقلمون معه — وهذا التأقلم قاتل».
ودعا ماهر إلى التعامل مع تلوّث الهواء كحالة طوارئ صحية عامة عبر إنشاء شبكات رصد فورية، وإدماج مؤشرات جودة الهواء في تقارير الصحة الوطنية، وربط سياسات الهواء النظيف بخطط المناخ، مؤكدًا: «لا يمكن حماية الصحة العامة إذا لم تشارك وزارات النقل والطاقة والصناعة في الحوار. الهواء النظيف ليس رفاهية، بل حق إنساني».
ورغم الصورة القاتمة، أعرب عن تفاؤل حذر مع بدء مبادرات عربية لخفض الانبعاثات وارتفاع منسوب الوعي والحراك الشبابي للمساءلة، معتبرًا أن إدراك الأسر أن «تلوّث الهواء يسرق مستقبل أطفالهم» سيُحوّل الصمت إلى فعل.
0 تعليق