في عصر تحكمه الصورة ، أصبحت تطبيقات فلاتر الجمال أداة يومية يستخدمها الملايين لتعديل ملامحهم وتحسين صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن خلف هذا البريق الزائف تختبئ أزمة نفسية حقيقية تُعرف باسم "تشوّه صورة الجسد"، حيث تتأثر نظرة الإنسان إلى نفسه بفعل المقارنة المستمرة مع معايير جمال غير واقعية تُفرض عليه من خلال الشاشات.
المقارنة المستمرة تسرق الثقة بالنفس
وسائل التواصل الاجتماعي اليوم لم تعد مجرد منصات للتعبير أو التفاعل، بل تحوّلت إلى ساحات للمقارنة اليومية، فكل صورة مثالية نراها تزرع بداخلنا شعورًا بالنقص، وتجعلنا نركّز على ما نفتقده بدلًا من تقدير ما نملكه.
الصور التي تمتلئ بها الحسابات ليست انعكاسًا للواقع، بل نتيجة لمجموعة من فلاتر الجمال والتعديلات الدقيقة التي تُخفي العيوب وتُظهر أجمل الزوايا.
ومع تكرار التعرض لهذه الصور، يبدأ العقل البشري في تصديقها كحقيقة، فيفقد الفرد ثقته في مظهره الطبيعي ويصبح غير راضٍ عن جسده كما هو.
معايير جمال رقمية تخلق صراعًا داخليًا
لم يعد مفهوم الجمال اليوم كما كان، فـ فلاتر الجمال جعلت "الكمال الرقمي" هو المقياس الجديد، إذ أصبح الأنف الصغير والبشرة الملساء والعيون الواسعة رموزًا للجمال المنشود.
هذه المعايير المصطنعة تدفع الفتيات والشباب إلى السعي وراء مظهر غير واقعي، أحيانًا عبر اللجوء إلى التجميل المفرط أو محاولات تقليد الصور المعدلة.
وهنا يبدأ الصراع النفسي الخطير، حيث يعيش الإنسان بين صورتين متناقضتين: صورة "الفلاتر" التي يحبها وصورته الحقيقية التي يرفضها. هذا الانفصال بين الواقع والخيال يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في صورة الجسد، ويزيد من معدلات الاكتئاب والقلق، خصوصًا بين المراهقين.
كيف نحافظ على علاقة صحية مع أجسادنا؟
الحل يبدأ بالوعي. يجب أن نتذكر دائمًا أن ما نراه على الإنترنت لا يعكس الحقيقة، وأن الجمال الطبيعي لا يحتاج إلى فلاتر ليُثبت وجوده.
تقليل الوقت الذي نقضيه أمام الشاشات يساعدنا على استعادة توازننا النفسي، كما يُنصح بمتابعة الحسابات التي تُشجع على تقبّل الذات وتروّج لصورة حقيقية وغير مصطنعة عن الجمال.
كذلك، من المهم فتح حوارات صادقة عن الثقة بالنفس وتقدير الجسد، سواء داخل الأسرة أو في المدارس، لتنشئة جيلٍ أكثر وعيًا وأقل تأثرًا بمقاييس الجمال الزائفة.














0 تعليق