الجمهورية المصرية

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الأربعاء 15/أكتوبر/2025 - 06:28 م 10/15/2025 6:28:01 PM

 

لم يبخل علينا «أكتوبر» بنفحات متجددة من البهجة تواكب ذكرى نصره المجيد عام 1973 على «إسرائيل» عدونا التاريخى، وجاءت قمة السلام المنعقدة مؤخرًا فى «شرم الشيخ» بكل تجلياتها المؤكدة لمكانة مصر الدولية فى صدارة آيات البهجة، حدث تاريخى بكل المقاييس وضع كلًا فى مكانه وحق موضعه، كما أعاد النقاط على الحروف بشأن ملف «غزة» بعد عامين من الإبادة الجماعية لأهلها فى فاصل غير مسبوق من أهم فصول مأساة القضية الفلسطينية، عامان شهدا أيضًا ضغوطًا استثنائية متنوعة على مصر وصلت ذروتها سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا، والحق أن الرئيس عبد الفتاح السيسى وفرق عمله المتصلة بالملف كلٌ فى موقعه قد حققوا جميعًا أهداف مصر بما يحفظ سيادتها وأمنها القومى بما فاق أفضل التوقعات.
لم أندهش من ارتفاع روح المصريين المعنوية على اختلاف انتماءاتهم وتحفظاتهم ومعاناتهم داخليًا فيما يتصل بأوضاعنا الاقتصادية تحديدًا، فهذه طبيعة الشعب المصرى النبيل، يعلم جيدًا عدوه من حبيبه، ويقف وقفته التاريخية المشهودة فى أى وكل ظرف أو فخ سياسى يستهدف وطنه الأهم عنده دائمًا، ولعل وحدة شعب مصر مع وخلف قيادته وجيشه هى الراية الحمراء طوال الوقت فى مواجهة أى تحديات مهما تعددت أو تعاظمت.
كان من صدى هذه الأجواء إعادة طرح مفهوم مصرية الدولة ونفى وصفها القومى العروبى ضمنيًا، حتى تردد مصطلح «الجمهورية المصرية» إعلاميًا قبل أن يأخذ مكانه على أجندة اهتمامات الرأى العام، وهو ما وجدته جديرًا بالرصد، خاصة وأن الموضوع يشغلنى على المستوى الشخصى طوال السنوات القليلة الماضية، كنتيجة طبيعية لما شهده الوطن العربى من تحولات طوال خمسة عشر عامًا مضت، كانت بالفعل مصيرية بكل ما تحمله الكلمة من دلالات شاخصة ولافتة.
ولا أجد أى غضاضة فى أن يراجع الإنسان أفكاره كل آن وآخر، بل أرى هذه المراجعة صحية ومن مقتضيات مواكبة إيقاع حياة أصبح فى أقصى سرعات التطور والتغير يومًا بعد يوم، فقد كنت عروبيًا وبكل ولاء وحماس الاقتناع بالفكرة والتوجه والمنهج طوال فترات ممتدة من عمرى، حتى تأملت مصر يومًا دونما أى إفراط فى الحديث عن خصوصية مصر وملامحها وحضارتها. 
تأملتها فقط مقارنة بمحيطها العربى متعدد الأوجه والفئات، فوجدت دول الخليج الست ومعها اليمن متشابهة جدًا، كما دول المغرب العربى ومعها ليبيا، ودول الشام سوريا ولبنان والعراق والأردن ومعها فلسطين، وأيضًا الدول العربية الإفريقية السمراء السودان وموريتانيا والصومال وجيبوتى وجزر القمر، أما مصر فلم أجدها تشبه أحدًا من هذه الدول، ولا يُوجد فى أىٍ منها ما يشبه مصر، وبإطلاق الحكم.
كل فئة من هذه الفئات تتشابه الدول المنتمية لها إلى حدٍ كبير جدًا، فإذا أجريت مسحًا سريعًا على معظم دول العالم أيضًا، تصل من خلاله بلا أى مجهود إلى نفس النتائج، تجد فئات متشابهة من الدول يمكن تصنيفها بسهولة، ولا تستطيع تصنيف مصر ضمن أىٍ منها بأى حال من الأحوال، أتحدث عن أوروبا، شرق آسيا، أمريكا الجنوبية، أمريكا وكندا، وهكذا.
نفس المنطق وارد تطبيقه على تصنيف مصر إفريقيًا أو حتى إسلاميًا، مصر لا تشبه أحدًا فى إفريقيا ولا فى الدول الإسلامية، لها بالفعل خصوصيتها فى كل وأى مقارنة أو تصنيف.
فقط جرد روحك وحرر عقلك وأنت تجرى هذه المقارنات، واسأل نفسك: من يشبه مصر؟.. وشارك معى إجابتك.. وضعًا فى الاعتبار أن مراعاة أبعاد الأمن القومى لا صلة لها بالموضوع، فكل وأى دولة لها أبعادها الواجب احترامها والحفاظ عليها بشأن الأمن القومى، ومنها فى حالة مصر أبعاد انتماءتها العربية والإفريقية والإسلامية، المتصلة اتصالًا وثيقًا بأمنها القومى، ولكن هذا لا يفرض عليها ضرورة التصنيف فى أى وقت.
السياسة لغة مصالح أولًا وأخيرًا، وتقارب الشعوب فى واقع الأمر لا يرتبط بتقارب الحكومات، ومصر بحضارتها قادرة فى كل وقت على التفاعل مع الآخر أيًا كان تصنيفه، بل والتأثير فيه، ودونما أى احتياج لأى انتماء يُلزمها فى أى وقت بما لا تُطيق، ومع الانتباه إلى حقيقة أنها أبدًا لا تقصر فى حق أى أحد، ولكن وفقًا لما ترتضيه لنفسها من مكانة تليق بحضارتها وتاريخها وخصوصية ملامحها، فالهوية مصرية أولًا وأخيرًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق