تشهد أسواق الذهب العالمية موجة ارتفاع قياسية دفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، مدفوعة بتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتزايد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي، إلى جانب توقعات قوية باتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفض أسعار الفائدة خلال الاجتماعين القادمين.
وسجلت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا خلال تعاملات أمس الثلاثاء، حيث ارتفع الجرام عيار 21 في السوق المحلية بنحو 50 جنيهًا مقارنة بإغلاق الأسبوع الماضي، ليصل إلى 5550 جنيهًا للجرام، بينما صعدت الأوقية عالميًا بنحو 30 دولارًا لتسجل حوالي 4140 دولارًا.
كما سجل عيار 24 نحو 6343 جنيهًا، وعيار 18 نحو 4757 جنيهًا، وعيار 14 حوالي 3700 جنيه، في حين استقر سعر الجنيه الذهب عند 44،400 جنيه.
وخلال تعاملات أول أمس الإثنين، كانت الأسعار قد ارتفعت أيضًا بنحو 100 جنيه، إذ افتتح عيار 21 التعاملات عند 5400 جنيه وأغلق عند 5500 جنيه، تزامنًا مع صعود الأوقية من 4017 إلى 4110 دولارات.
وعالميًا، لامست الأوقية مستوى قياسيًا جديدًا قرب 4180 دولارًا، وفقًا لتقارير بنوك الاستثمار العالمية، التي أرجعت هذا الارتفاع إلى التصعيد التجاري الأخير بين واشنطن وبكين، بعد فرض الصين عقوبات على شركات أمريكية ردًا على قيود واشنطن على قطاع الشحن الصيني.
وتشير التحليلات إلى أن هذه التطورات تُنذر بمزيد من التصعيد بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، مما يعزز الإقبال على الذهب كملاذ آمن قبل اللقاء المرتقب بين الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) في كوريا الجنوبية.
منذ بداية عام 2025، قفزت أسعار الذهب بأكثر من 57%، متجاوزة حاجز 4100 دولار للأوقية لأول مرة في التاريخ، نتيجة عوامل متعددة تشمل عمليات الشراء الضخمة من البنوك المركزية، وتدفقات قوية إلى صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب، بالإضافة إلى توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية.
وتُظهر البيانات أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر بنسبة احتمال 99%، مع خفض إضافي محتمل في ديسمبر بنسبة 94%، بينما يترقب المستثمرون تصريحات جيروم باول، رئيس الفيدرالي، في الجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال لتحديد توجهات السياسة النقدية المقبلة.
ويرى محللون في بنك أوف أمريكا وسوسيتيه جنرال أن أسعار الذهب قد تواصل ارتفاعها لتصل إلى 5000 دولار للأوقية بحلول عام 2026، فيما رفع بنك ستاندرد تشارترد متوسط توقعاته للعام نفسه إلى 4488 دولارًا للأوقية.
في المقابل، عادت الصين لتأجيج المشهد التجاري العالمي بإعلانها توسيع قيود تصدير المعادن الأرضية النادرة، بينما صعّد ترامب من لهجته مهددًا بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية، ما أدى إلى زيادة حالة الحذر في الأسواق العالمية.
كما تتابع الأسواق عن كثب التطورات السياسية في فرنسا بعد استقالة رئيس الوزراء وإعادة تكليفه، والتقلبات في اليابان إثر انهيار الائتلاف الحاكم، إضافة إلى استمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي للأسبوع الثالث، ما يزيد من ضبابية المشهد الاقتصادي الدولي.
وفي ظل هذه الأوضاع، لا تُظهر أسعار الذهب أي مؤشرات على التراجع، إذ ارتفعت بأكثر من 50% منذ مطلع العام، متجهة نحو أفضل أداء سنوي لها منذ عام 1979، مع استمرار تزايد الطلب على الملاذات الآمنة وتراجع الثقة في العملات الورقية حول العالم.
0 تعليق