بعدما سوته إسرائيل على الأرض.. سوق النبطية التراثي عائد بحلّة جديدة (صور)

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
قبل نحو عام استهدفت غارات إسرائيلية عنيفة سوق النبطية التراثي الذي يُجسد تاريخاً عريقاً يعود لأكثر من قرن. فقد أُنشئ في عام 1910 ومبانيه القديمة كانت شاهداً على تاريخ طويل، ففي ليلة 12 تشرين الأول 2024 تعرّض السوق للغارات ما ادى الى سقوط شهداء وتدميره بحيث بدا أشبه بمنطقة منكوبة ومُني بخسائر فادحة طالت جميع أبناء المنطقة.

Advertisement

 
لم تقتصر الأضرار التي لحقت بالسوق على المباني والمحال التجارية بل دُمرت العديد من المعالم التاريخية الأخرى في المنطقة، مثل الخان العثماني القديم والفندق الأقدم في المدينة، الذي كان يستقبل المسافرين والتجار على مر العقود.
 
هذا السوق التراثي سيعود مؤقتا حيث يتم العمل على بناء سوق بديل من نحو 85 محلا جاهزا بتبرعات محلية بهدف إعادة الحياة إلى المنطقة ومساعدة التجار وأصحاب المحلات الذين خسروا أرزاقهم على النهوض من جديد.
 
وفي هذا الإطار، قال المؤرخ والباحث علي مزرعاني لـ "لبنان 24" ان "سوق النبطية او كما يُسمى سوق الإثنين بُني قبل 900 عام وكانت المنطقة حينها نقطة التقاء للقوافل المتجهة نحو فلسطين وسوريا ولبنان ومع الوقت شهدت تمركزا سكانيا في محيطها فعُرفت في ما بعد بمدينة النبطية وحي السرايا حيث يتواجد أقدم منازل المدينة وهي تعود إلى ما قبل 300 عام."
 
وأضاف: "تطوّر سوق الإثنين حيث كان يُقام مساء الأحد ثم انتقل إلى عصر يوم الإثنين وكان نقطة إلتقاء للتجار من الجولان وفلسطين الذين كانوا يأتون بمنتجات مختلفة من مواد غذائية وأوان منزلية وملابس، وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان عبارة عن 3 أسواق هي: البيدر حيث كان سوق المواشي، وسوق البالية للثياب القديمة، وسوق المواد الغذائية التي كانت متوفرة في وقتها".
 
وأشار مزرعاني إلى انه "بدءا من خمسينات القرن الماضي تمركز السوق كله في قطعة البيدر ومحيطها، وكان هناك في الوسط التجاري أقدم خان عمره 200 عام وفندق "زهرة الجنوب" الذي بني في مطلع القرن العشرين إضافة إلى 10 خانات لخدمة الزوار والتجار الذين كانوا يأتون من خارج المنطقة".
 
وتابع مزرعاني: "العدوان الإسرائيلي الأخير استهدف السوق بـ 10 صواريخ كبيرة فشهد الوسط التجاري الذي يضم 200 محل دمارا كبيرا وتضرر نحو 60 متجرا بشكل كامل وهناك 100 محل أصيبوا بأضرار كبيرة وأعيد ترميمهم وفتح أبوابهم من جديد، ويتم حاليا تجهيز محال جاهزة في منطقة البيدر".
 
وأوضح ان "السوق الحديث الذي يتم العمل عليه كناية عن محلات أو وحدات حديدية جاهزة هدفها المساهمة في دعم أصحاب المحلات المدمرة، وسيتم دفع ايجار رمزي في مقابل خدمات ستقوم بها البلدية او النادي الحسيني الذي يعود هذا المشروع له ويشرف عليه مجموعة من الأشخاص الذين تبرعوا للمساهمة في هذا العمل من بينهم فادي علي أحمد وكمال الصباح ورباح جابر بهدف دعم التجار وأهالي المدينة للتشبث بأرضهم والبقاء في النبطية وتحريك الحركة الاقتصادية فيها بعدما تضررت بشكل كبير."
 
وأشار إلى ان "بعض التجار، بعد تدمير السوق، استأجروا في شوارع فرعية لمدينة النبطية وهناك من ينتظر الانتهاء من السوق الحديث للعودة من خلاله"، ولفت إلى انه من المتوقع ان تنتهي الأعمال في السوق الحديث خلال شهرين مشيرا الى ان المحلات أصبحت شبه جاهزة ويتم العمل على انجاز البنى التحيتة لها".
 
وشدد مزرعاني على ان "هذا السوق هو حل مؤقت لمدة عامين أما السوق التراثي الذي دمر فهناك من يقوم بالأعمال فيه على حسابه لأنها أملاك خاصة ومن المهم ان تبقى على الأقل واجهات السوق محافظة على ميزتها التراثية".
استهدافات سابقة
يُذكر انه في عام 1978 تعرّض سوق النبطية للاعتداء خلال الاجتياح الإسرائيلي، وتكرّر الاعتداء في عام 1982 وفي حرب تموز عام 2006. الا انه كان ينهض من جديد، محتفظاً بجزء كبير من هويته الثقافية والمعمارية.
 
ولكنّ الغارات الأخيرة في عام 2024 كانت الأكثر تدميراً على الإطلاق، إذ سُوِّي جزء كبير من السوق بالأرض، مما يجعل من الصعب إعادة بنائه بالهوية التاريخية نفسها.
 
وعلى الرغم من ذلك من المتوقع خلال شهرين إعادة افتتاح السوق البديل لسوق النبطية التراثي بهدف إعادة النبض الاقتصادي والاجتماعي إلى المدينة وتوفير بديل مؤقت لأصحاب المحال المدمرة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق