Advertisement
حتى اللحظة، لا تلوح في الأفق أي تسوية انتخابية أو اصطفاف يمكن أن يرمّم ما خسره "التيار". "فالقوات اللبنانية"، التي تشكل القوّة المسيحية المقابلة، حسمت موقفها برفض التحالف، ليس فقط بدافع الخصومة السياسية، بل لأنها تدرك أن أي تفاهم مع "الوطني الحر" سيمنحه شرعية مسيحية هي لا تريد أن تعطيها له تحت أي ذريعة. أما "تيار المستقبل"، الذي شكّل رافعة قوية ل"الوطني الحرّ" في انتخابات 2018، فقد خرج من المعادلة، وإن عاد في الاستحقاق المقبل، فسيكون هدفه استعادة موقعه وتمثيله لا الدخول في تحالفات مع أطراف هي محلّ اعتراض داخل بيئته الشعبية.
أمام هذا المشهد، يبقى خيار التحالف مع "حزب الله" مطروحاً نظرياً، لكنه أيضاً يفتقر إلى الواقعية السياسية. فمن غير المنطقي أن يقدّم "الثنائي الشيعي" "للوطني الحر" ما بين أربعة إلى خمسة مقاعد في دوائر مثل بعلبك الهرمل، البقاع الغربي، زحلة، أو بيروت الثانية، في حين يستطيع "الحزب" أن يفوز بها عبر مرشحين مسيحيين آخرين متحالفين معه مباشرة من دون أي تمايز. وبهذا الشكل، يستطيع "حزب الله" رفع عدد نوابه من أربعة إلى سبعة من دون الحاجة إلى استرضاء حليف خسر الكثير من أوراقه.
وبناء على ما تقدّم، يبدو "الوطني الحر" أمام مأزق فعلي لا يملك أدوات تجاوزه. إذ إنّ خوضه للانتخابات النيابية وحيداً سيعني عملياً تراجعاً كبيراً في حجم كتلته النيابية، وهو ما قد يؤدّي إلى واحدة من أكبر الصدمات في الذاكرة الانتخابية والسياسية اللبنانية منذ نهاية الحرب. إذ لم يعد من الممكن تجاهل أن "التيار" يتجه نحو مرحلة مختلفة تماماً عن تلك التي عرفها منذ العام 2005، مرحلة عنوانها الأبرز خسارة التحالفات، وتراجع الثقل، ودخول طويل في مهب الفراغ.