أكد تقرير اقتصادي شامل عن تحسن أداء السياسات الاقتصادية الكلية وأداء السياسة النقدية والائتمانية خلال العام الحالي، حيث حققت مصر زيادة كبيرة في أرصدة الاحتياطات النقدية واستقرار في سعر صرف العملة.
سياسة نقدية تيسيرية
واصل البنك المركزي المصري اتباع سياسة نقدية تيسيرية اتسمت بالحذر على مدار عام 2025، إذ خفّض أسعار العائد الأساسية بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماع لجنة السياسة النقدية الذي عُقد في أكتوبر، مع الإبقاء عليه ثابتا خلال اجتماع نوفمبر ليصل إجمالي مقدار الخفض خلال عام 2025 إلى 625 نقطة أساس، وإن كان هذا المعدل لا يزال يتجاوز معدلات التضخم، مما يعني أن أسعار العائد الحقيقية لا تزال موجبة.
وكشف التقرير الصادر عن مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عن تطورات سعر صرف الجنيه المصري؛ فقد استمر الاستقرار النسبي لسعر الصرف للجنيه وساهم قرار البنك المركزي في مارس 2024 بتحرير قيمة الجنيه أمام الدولار في القضاء على الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، وجذب تدفقات رأسمالية جديدة، وتحسن المعروض من العملات الأجنبية.
وجاء هذا الاستقرار موضع تقدير مختلف المؤسسات الدولية؛ فقد أشاد صندوق النقد الدولي بالنتائج الإيجابية لمرونة سعر الصرف وانعكاساتها على غلق الفجوة السعرية مع السوق الموازية، وإنهاء تراكمات طلبات الاستيراد، إلى جانب التدفق القوي للإيرادات السياحية وتحويلات العاملين بالخارج.
كما أكدت "بلومبرج" أن الجنيه المصري سجل أعلى مستوى له هذا العام، مدفوعًا بانخفاض أسعار النفط، وزيادة الصادرات، إلى جانب زيادة الإيرادات السياحية وتحويلات العاملين بالخارج، كما رأت "موديز" بالأثر الإيجابي لمرونة سعر الصرف وتوافر الاحتياطيات من العملات الأجنبية على تجنب مخاطر الصدمات الخارجية، وأوضحت "جولدمان ساكس" أن استقرار الجنيه خلال الأشهر القليلة الماضية ساهم في تخفيض معدل التضخم الناتج عن الاستيراد.
احتياطي النقد الأجنبي
سجل صافي الاحتياطيات الدولية لمصر تطورًا ملحوظًا خلال العام، ليبلغ نحو 48.7 مليار دولار أمريكي بنهاية يونيو، وليصل لمستوى تاريخي في نهاية أكتوبر 2025 بقيمة 50،07 مليار دولار أمريكي، ثم إلى 50.2 مليار دولار في نوفمبر مدعوما بالأثر الإيجابي لتطبيق الإصلاحات النقدية والمالية على تحسن موارد الدولة من النقد الأجنبي من عدة قنوات؛ أبرزها: زيادة إيرادات الصادرات في القطاعات الصناعية والغذائية، والانتعاش المستمر في قطاع السياحة، وتحسن تحويلات المصريين بالخارج، كما أسهمت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في دعم هذا المسار التصاعدي.
التصنيف الائتماني السيادي
تحسن التصنيف الائتماني كإشارة إيجابية من مؤسسات التقييم الدولية إلى متانة الأسس الاقتصادية، وقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، وقامت وكالة "ستاندرد آند بورز" برفع التصنيف الائتماني لمصر، لأول مرة منذ 7 سنوات من "-B" إلى B" مع نظرة مستقبلية مستقرة وتوقعات باستمرار التعافي الاقتصادي وتحسن المؤشرات المالية.
تعافي صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي
ساهم رفع التصنيف الائتماني لمصر في دفع نشاط البنوك، كما ساهمت التدفقات القوية للمستثمرين فى أذون الخزانة الحكومية في رفع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية إلى نحو 10 مليارات دولار فى سبتمبر 2025، وهو أعلى مستوى منذ 2014، ما أسهم فى تخفيف الضغوط الخارجية وتعزيز الاستقرار المالي.
وقد تحسنت مؤشرات السلامة المالية لتتجاوز المتطلبات الرقابية للبنك المركزي المصري ولجنة بازل، والمتمثلة في مستوى مرتفع للملاءة المالية بنسبة كفاية رأس مال بلغت 18.3٪ في مارس 2025 مقارنة بمستوى 12.5٪ كحد رقابي مقرر من قبل البنك المركزي، ومستويات مرتفعة من السيولة بالعملة المحلية والأجنبية والتي سجلت 37.1% و73.7% في مارس 2025، مقابل حد رقابي 20% و25% على التوالي، بالإضافة إلى مستوى مرتفع للربحية، حيث ارتفع العائد على متوسط الأصول والعائد على متوسط حقوق المساهمين ليصلا إلى 2.6٪ و39% في العام المالي 2024 على التوالي.
تعزيز جهود الشمول المالي
تعددت الإجراءات التنظيمية التي اتخذها البنك المركزي المصري لتعزيز الشمول المالي ومن أبرزها
- تطبيق إجراءات مبسطة للتعرف على هوية العملاء، للأفراد والمشروعات متناهية الصغر.
- تسهيل فتح الحسابات المصرفية للشباب من سن 15 عاما والحرفيين وأصحاب الأعمال الحرة ببطاقة الرقم القومي فقط.
- السماح للوكلاء المصرفيين من التحقق من هوية العملاء للتوسع في تقديم الخدمات المالية.
- تطوير منتجات مالية مخصصة لمختلف فئات المجتمع مثل النساء والشباب وذوي الهمم.
فضلا عن جهود البنك المركزي المصري في تعزيز الشمول المالي الرقمي من خلال:
- تطوير البنية التحتية المالية ودعم استخدام المحافظ الإلكترونية وبطاقات الدفع المسبق.
- إصدار ضوابط ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية، بما يُمَكن المؤسسات من تقديم الخدمات المصرفية عبر المنصات والقنوات الرقمية.
- توسيع نطاق الوصول للخدمات في المناطق النائية.
- تطوير دور شركة الاستعلام الائتماني (I-Score)، وتعزيز دور شركة ضمان مخاطر الائتمان لتيسير حصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة على التمويل.
ونتيجة لهذه الجهود أدرجت مجموعة العمل المالي The Financial Action Task Force (FATF) في دليلها الإرشادي المُحدّث الصادر في يونيو 2025، التجربة المصرية ضمن أفضل الممارسات الدولية في تحقيق التوازن بين تعزيز الشمول المالي والالتزام بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.













0 تعليق