تزايد حوادث الغاز يضع الشارع والمشرعين في مواجهة واقع مرعب.. وموجة اختناقات من تسربات المصانع إلى انفجارات المنازل

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تكثر في الأسابيع الأخيرة حوادث تتعلق بالغاز في محافظات مصر المختلفة ،  من تسربات في مصانع إلى انفجار أنابيب أو أسطوانات داخل عقارات سكنية ، ما أسفر عن وفيات و إصابات و أضرار مادية و قلق شعبي متزايد. 
فقد وقع، في بداية الشهر الجاري، حادث تسرب غاز داخل مصنع للملابس في محافظة الإسماعيلية أدى إلى اختناق عشرات العمالة ونقل عدد منهم للمستشفيات، وهو مثال صارخ على الخطر داخل المنشآت الصناعية.
كما شهدت محافظة الجيزة واقعة مأساوية بانهيار جزء من عقار في منطقة إمبابة ناجم عن انفجار غازي ناتج عن تسرب ماسورة داخل شقة سكنية، ما أدى إلى سقوط ضحايا وإصابات وإلحاق أضرار بالبناء والمنازل المجاورة. 
وفي تطور جديد ومؤلم أعلن عن وفاة أسرة كاملة مكونة من خمسة أفراد اختناقاً نتيجة تسرب غاز داخل شقتهم ببولاق الدكرور.
هذه الحوادث المتكررة تفتح أسئلة حادة حول إجراءات السلامة، جاهزية أجهزة الطوارئ، والتزام الشركات والمواطنين بمعايير الأمن الصناعي والمنزلي، كما تضع أمام الجهاز التنفيذي تحدياً في تقنين ومراقبة مصادر الغاز وصيانتها لمنع تكرار نكبات قد تكون أوسع تأثيراً.

أسباب فنية وتشغيلية للحوادث غالبيتها قابلة لـلتجنب

من جانبه قال خبير هندسة البترول والسلامة المهنية جمعة قناة السويس دكتور محمد فكرة يوسف لـ"البوابة نيوز" :  أن معظم حوادث الغاز التي تحدث داخل المدن والمنشآت تعود لأسباب فنية و تشغيلية يمكن تلافيها بتطبيق إجراءات محددة. من الأسباب الشائعة تسرب في مواسير توزيع الغاز نتيجة التآكل أو سوء التركيب، تسرب من وصلة أسطوانة البوتاجاز المنزلية، وعدم صيانة شبكات التهوية داخل المنازل والمصانع، بالإضافة إلى تخطي قواعد التخزين والتعامل مع المواد القابلة للاشتعال في وحدات التصنيع. كما يشير المختصون إلى أن نقص التدريب لدى العاملين في خطوط الإنتاج و الافتقار إلى برامج فحص دورية لأنظمة الغاز يرفع من احتمالات وقوع حوادث جماعية، خصوصاً في المصانع الصغيرة التي تقل فيها تكلفة الاستثمار في السلامة. كذلك، يلفت مهندسو السلامة إلى أن ضعف الرقابة من الجهات المعنية على تطبيق معايير التركيب والصيانة، وتأخر الجهات المحلية في الاستجابة  إلى بلاغات التسريب، كلها عوامل تزيد حدة المشكلة.
المقترحات الفنية التي يكررها الخبراء تتمثل في فحوص دورية لأنظمة التوصيل والتهوية، تركيب حساسات كشف تسربات في المنشآت السكنية والصناعية، والتشديد على بروتوكولات السلامة والتدريب الإلزامي للعاملين، إضافة إلى حملات توعية مجتمعية عن سلوكيات التعامل مع الغاز وأجهزة الطهي. إهمال هذه الإجراءات الفنية لا يؤدي فقط إلى خسائر في الأرواح و الممتلكات، بل يضاعف التكلفة الاجتماعية والاقتصادية على الدولة والأسر المتضررة.

ثغرات في الإشراف والتشريعات والتنفيذ

من زاوية قانونية وتنظيمية، يشير أساتذة قانون وإداريين إلى أن وقوع حوادث متكررة يكشف عن ثغرات في منظومة الرقابة وغياب رادع فعّال يعيد فرض الالتزام بمعايير السلامة

 قانونيون

من جانبه قال أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة  دكتور طارق فتحى لـ"البوابة نيوز " : أن هناك قوانين ولوائح فنية وقواعد ترخيص للمنشآت الصناعية والسكنية، لكنها تتعثر عند مستوى التطبيق والمحاسبة؛ إذ تندر العقوبات الرادعة أو تكون الإجراءات البيروقراطية في فرض الالتزام بطيئة، ما يترك ثغرات أمام المخالفين. ويؤكد مختصون بقطاع الطاقة أن التوسع في الاستهلاك والبنية التحتية المتعددة المصادر استدعى تحديث منظومة التنظيم والمواصفات القياسية، وأن تأخر تحديث هذه المواصفات أو ضعف تنفيذها يؤدي إلى تفاوت في جودة التركيب والخدمة. 
كما سلط الضوء على :  ضرورة تشديد قوانين البناء والاشتراطات الخاصة بمرور وصيانة مواسير الغاز داخل العقارات، وفرض شروط واضحة عند ترخيص المصانع ومراجعة خطط الطوارئ.
وأضاف :  ومن الناحية التنفيذية، ندعو إلى خلق آليات تعاون بين وزارة البترول والجهات المحلية وإدارات الحماية المدنية والرقابة الصناعية لضمان جولات تفتيش مفاجئة وتطبيق عقوبات فعالة، بالإضافة إلى إنشاء آليات تبليغ سريع ومرقّمة لحوادث التسرب لضمان استجابة فورية تحدّ من الخسائر. بدون إصلاح هذه الثغرات التنظيمية والقانونية ستستمر الحوادث في التكرار رغم الحلول الفنية المتاحة.

خطوات عاجلة للحد من مزيد من الكوارث

ويكمل كلاهما دكتور طارق ودكتور محمد  متفقان على :  ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وقابلة للتنفيذ على المدى القريب والمتوسط و الأولوية ،  يجب أن تكون لحملات فحص دوريّة شاملة لشبكات الغاز بالمناطق السكنية والصناعية، وتركيب منظومات كشف تسربات في المصانع والمباني متعددة الطوابق، مع إلزام المقاولين والفنيين بشهادات واعتماد رسمي. 
ثانياً، لا بد من تشديد الرقابة وتفعيل آليات المحاسبة بفرض غرامات وإغلاق مؤقت على المنشآت المخالفة، وتوثيق نتائج التفتيش ورفعها للجهات المختصة والمجتمع المحلي لزيادة الشفافية. 
ثالثاً، مطلوب تفعيل برامج توعية مكثفة للمواطنين عن علامات التسرب وطريقة التصرف الآمن (فتح النوافذ، إطفاء مصادر الاشتعال، التبليغ الفوري)، مع نشر أرقام طوارئ متخصصة للغاز في كل محافظة.
رابعاً، التعاون بين الوزارات المعنية لتحديث المواصفات الفنية وصياغة تشريعات تلائم التطور السكاني والصناعي يساعد في تقليل المخاطر طويلة الأمد. وفي النهاية، لا يمكن فصل الجانب الإنساني عن الحسابات التقنية والقانونية: كل حادثة تمثّل فقدان حياة أو عائلة مفككة أو إصابة مؤلمة، وواجب الدولة والمجتمع العمل سريعا لمنع تكرار مأساة أخرى.
الحوادث الأخيرة  تؤكد أن الوقت حان للعمل الفوري قبل أن ترتفع حصيلة الضحايا والمصابين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق