استثمرت الصين نحو 80 مليار دولار في تقنيات ومشروعات الطاقة النظيفة في الخارج خلال العام الماضي، في خطوة تعكس تسارع Beijing في توسيع حضورها العالمي في قطاع الطاقة المتجددة، وسط استمرار فائض الإنتاج المحلي وحاجة الشركات الصينية لأسواق أوسع وأكثر تنوعًا. وذكرت منصة "إنفستنج" المتخصصة في التحليلات الاقتصادية، في نسختها باللغة الإنجليزية، أن هذه الاستثمارات تأتي كجزء من استراتيجية صينية أوسع تهدف إلى زيادة النفاذ إلى الأسواق الدولية، وتعزيز القدرة التنافسية لشركات الطاقة الجديدة، وخاصة في مجالات الخلايا الشمسية، وتوربينات الرياح، وتقنيات تخزين الطاقة.
وتشير البيانات إلى أن الشركات الصينية قد كثّفت من دخولها إلى أسواق آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية خلال العام الماضي، عبر شراكات طويلة الأجل واتفاقيات تمويل وتنفيذ مشروعات بنية تحتية للطاقة النظيفة. ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه الدول النامية إلى توسيع قدراتها في مجال الطاقة المتجددة ضمن خطط التحول الأخضر، ما يفتح فرصًا واسعة أمام المصنعين الصينيين الذين يمتلكون ميزات تنافسية أبرزها انخفاض التكلفة، والقدرة على التصنيع واسع النطاق، والتطور السريع في تقنيات البطاريات والخلايا الشمسية.
وبحسب محللين اقتصاديين، فإن الصين تواجه تحديًا داخليًا كبيرًا يتمثل في تخمة الإنتاج في قطاع الطاقة النظيفة، لا سيما في خطوط إنتاج الألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم، مما دفع الشركات إلى تكثيف التوسع الخارجي لتقليل الضغوط على الأسواق المحلية، وضمان استمرار دوران عجلة الإنتاج. كما أن الحكومة الصينية دعمت هذا التوجه عبر توفير حوافز مالية وتمويلية للمؤسسات التي تنقل جزءًا من عملياتها أو استثماراتها إلى الخارج.
وتؤكد التقارير أن أحد أبرز دوافع الصين للاستثمار في الخارج هو تعزيز موطئ قدمها في سلاسل الإمداد العالمية، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قيادة قطاع الطاقة النظيفة. كما تسعى بكين إلى تجنب القيود التجارية المحتملة أو الرسوم الإضافية التي فرضتها بعض الدول الغربية على واردات الخلايا الشمسية والمعدات الصينية، من خلال الاستثمار المباشر في مشاريع داخل تلك الدول أو في أسواق بديلة أقل تشددًا.
ورغم الفوائد الاقتصادية الواضحة، يرى خبراء أن التوسع الصيني قد يثير مخاوف لدى بعض الدول التي تخشى الاعتماد المفرط على التكنولوجيا الصينية، أو تأثير الاستثمارات الضخمة على بيئة المنافسة المحلية. ومع ذلك، لا تزال العديد من الحكومات — خصوصًا في الدول النامية — ترحب بهذه الاستثمارات التي توفر حلولًا منخفضة التكلفة، وتعزز قدراتها في مجال الطاقة النظيفة دون أعباء مالية ضخمة.
وتشير التوقعات إلى استمرار هذا التوجه خلال السنوات المقبلة، مع سعي الصين إلى دعم شركاتها في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر، والتخزين الحراري، وتطوير شبكات الجيل الجديد من الطاقة. كما يُتوقع أن تواصل بكين تعزيز العلاقات الاقتصادية مع شركائها عبر مبادرة "الحزام والطريق"، التي أصبحت محورًا رئيسيًا للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة عبر القارات.











0 تعليق