أظهر تقرير حديث أصدرته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، صورة شاملة لحجم التباينات التنموية بين الأقاليم المختلفة، مؤكدًا أن هذه الفجوات تعكس اختلافًا واضحًا في طبيعة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه كل إقليم، وأهمية توجيه السياسات الحكومية وفق احتياجات كل منطقة، ويشير التقرير إلى أن المؤشرات التنموية، وعلى رأسها نسب الأمية ومعدلات البطالة، تمثل أدوات حاسمة لفهم الواقع السكاني ومستوى الخدمات، وبالتالي تحديد أولويات التدخل التنموي.
معدل البطالة والأمية
وبحسب التقرير، فقد سجل إقليم القاهرة الكبرى - الذي يضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية - واحدة من أعلى الكثافات السكانية في البلاد، إذ يضم 24.6% من إجمالي سكان مصر، ورغم كونه المركز الاقتصادي والإداري الأكبر، إلا أن نسبة الأمية فيه بلغت 21.6%، فيما وصل معدل البطالة إلى 10.1%، وهو ما يعكس ضغوطًا متزايدة على سوق العمل والخدمات التعليمية في المنطقة. أما إقليم الإسكندرية الذي يضم الإسكندرية والبحيرة ومطروح، فقد سجل نسبة أمية بلغت 27.9%، في حين تراجع معدل البطالة إلى 8.1%، ويستحوذ الإقليم على 12.4% من عدد السكان، ما يشير إلى تحديات مرتبطة بتفاوت مستويات التعليم في ظل توسع اقتصادي ملحوظ.
أدني معدلات بطالة
وفي إقليم الدلتا الذي يشمل محافظات المنوفية والغربية ودمياط والدقهلية وكفر الشيخ، كشف التقرير عن نسبة أمية تبلغ 23.2%، بينما حقق الإقليم واحدًا من أدنى معدلات البطالة على مستوى الجمهورية مسجلًا 5.8% فقط، ويمثل 21.4% من سكان مصر، الأمر الذي يعكس قدرة هذا الإقليم الزراعي والصناعي على توفير فرص عمل مستقرة رغم التحديات التعليمية. وعلى النقيض من ذلك، أظهر التقرير أن إقليم القناة وسيناء - الذي يضم محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس وشمال وجنوب سيناء والشرقية - سجل أقل نسبة أمية بين جميع الأقاليم عند 19.4%، إلا أنه في المقابل سجل أعلى معدل بطالة على مستوى الجمهورية عند 13.2%، رغم أن الإقليم لا يمثل سوى 11% من إجمالي عدد السكان، وهو ما يبرز حاجة المنطقة إلى تعزيز فرص العمل وتنمية القطاعات الإنتاجية.
التنمية في الصعيد
وكشف التقرير كذلك عن واقع أكثر تعقيدًا في أقاليم الصعيد. ففي إقليم شمال الصعيد الذي يضم الفيوم وبني سويف والمنيا، تم تسجيل أعلى نسبة أمية في مصر بواقع 35.7%، في وقت بلغ فيه معدل البطالة 4.2% فقط، ويشكل هذا الإقليم 13.3% من السكان، وهو ما يعكس فجوة واضحة بين مستوى التعليم وحجم المشاركة الاقتصادية، أما إقليم وسط الصعيد الذي يضم أسيوط والوادي الجديد، فقد بلغت نسبة الأمية 24.7%، بينما تراجع معدل البطالة إلى 3.7%، في حين يمثل الإقليم 5.1% من سكان الجمهورية، ما يشير إلى فرص اقتصادية قائمة رغم التحديات التعليمية، وفي إقليم جنوب الصعيد الذي يشمل سوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر، سجل التقرير نسبة أمية تبلغ 23.9%، مقابل معدل بطالة 8.9%، ويمثل الإقليم 12.2% من إجمالي السكان.
كما أوضحت الوزارة أن متوسط نسبة الأمية على مستوى الجمهورية بلغ 25.8%، بينما وصل متوسط معدل البطالة إلى 7.7%، مشيرة إلى أن هذه المؤشرات يجب أن تكون أساسًا لصياغة سياسات تنموية تستهدف تقليل الفجوات بين الأقاليم وتعزيز العدالة في توزيع الخدمات وفرص العمل، لضمان تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في مختلف أنحاء البلاد.















0 تعليق