حين يُذكر اسم أشرف عبد الغفور، يحضر فورًا ذلك المزيج النادر من الوقار الفني والالتزام الأخلاقي، وهو ما جعله واحدًا من أكثر الوجوه احترامًا على الساحة الفنية المصرية. ممثل يمتلك حضورًا لا يحتاج إلى صخب، وصوتًا لا يحتاج إلى ارتفاع… يكفي أن يظهر على الشاشة حتى يشعر المشاهد بالثقة بأن ما سيُقدَّم أمامه أداءٌ راقٍ وصادق.
بدأ رحلته من خشبة المسرح، ذلك المكان الذي علّمه أن التمثيل ليس كلمات تُقال، بل نفسٌ يُبث في الشخصية حتى تنبض بالحقيقة. ومن المسرح انتقل إلى الدراما التلفزيونية، ليقدّم مجموعة كبيرة من الأدوار التي تنوّعت بين الديني، والاجتماعي، والتاريخي، وكلها حملت توقيعه الهادئ العميق.
وإلى جانب موهبته وحرفيته، يُعرف أشرف عبد الغفور برُقيّه في التعامل؛ رُقيّ ينعكس في حضوره، وفي احترامه لزملائه، وفي تلك الطريقة الهادئة التي يخاطب بها الجميع. هو من أولئك الفنانين الذين يمنحونك شعورًا بأن الفن لا يكتمل إلا بالأخلاق، وأن الإنسان قبل الفنان هو معيار القيمة الحقيقية.
ما يميّز أشرف عبد الغفور ليس فقط الموهبة، بل ذاك الانضباط الفني الذي جعله مرجعًا محترمًا في الوسط، حتى حين تولّى مهام إدارية داخل النقابات والمؤسسات الفنية، ظلّ مثالًا للرجل الذي يفهم قيمة الفن ويحافظ على كرامته.
في أدواره، كان قادرًا على أن يجسّد القاضي العادل، والعالم، والمربّي، والمسؤول، والإنسان البسيط… وكلها بشخصيات حقيقية لا تشبه بعضها، لأنّه لا يخدعك بحضور خارجي، بل يدخل إلى العمق ويُخرج الشخصية كما يجب أن تكون.
ويبقى الأجمل أنّه ينتمي إلى جيل آمن بأن الفن رسالة، وأن القيمة ليست في الضجيج بل في البصمة. هذه البصمة التي تركها أشرف عبد الغفور واضحة في ذاكرة المشاهد العربي، وفي تقدير نقّاد يعرفون أنّ الثبات في الجودة أصعب بكثير من لحظة لمعان عابرة.









0 تعليق