كشفت مجلة "ذا ماركر" الإسرائيلية عن تفاصيل الأزمة المتفاقمة في دوائر صنع القرار الإسرائيلية، مع اقتراب الموعد الحاسم لإقرار موازنة إسرائيل لعام 2026، في ظل غياب مسودة أولية للميزانية ووجود خلافات حادة بين وزارة المالية ووزارة الدفاع بشأن حجم الإنفاق العسكري.
وتتعمق الأزمة بعد إعلان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطة ضخمة لزيادة ميزانية الدفاع خلال العقد المقبل، في خطوة يصفها مسئولون في وزارة المالية بأنها قنبلة موقوتة تهدد بخنق الخدمات المدنية في السنوات المقبلة.
خلافات كبرى ومخاوف من إقرار ميزانية 2026
وأشارت المجلة العبرية إلى أنه قبل أربعة أيام فقط من الاجتماع الوزاري المخصص لاعتماد ميزانية 2026، لا تزال وزارة المالية عاجزة عن إعداد الإطار العام للإنفاق وتوزيعه على الوزارات المختلفة.
ويعود ذلك إلى عدم التوصل لاتفاق مع المؤسسة العسكرية بشأن ميزانيتها، التي تستحوذ على الحصة الأكبر من الإنفاق العام.
كانت وزارة المالية الإسرائيلية تهدف إلى تحديد ميزانية الدفاع لعام 2025 بنحو 95 مليار شيكل، استنادًا إلى تفاهمات سابقة مع وزارة الدفاع، إلا أن قضايا جوهرية بقيت معلقة، منها الزيادة المطلوبة للإنفاق على الأمن الجاري وتوسع برامج التسلح المستقبلية.
قدمت المؤسسة الدفاعية طلبًا لرفع ميزانيتها إلى نحو 144 مليار شيكل، وهو رقم اعتبرته وزارة المالية غير مقبول، وأصرت على تنفيذ إجراءات واسعة لرفع الكفاءة داخل جيش الاحتلال.
وفي اجتماع عُقد الأسبوع الماضي مع نتنياهو ووزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، أعلن رئيس وزراء الاحتلال أنه توصل إلى تفاهم منفرد مع وزارة الدفاع لزيادة قدرها 350 مليار شيكل خلال 10 سنوات، من دون إشراك وزير المالية أو الاستناد إلى توصيات الجهات المهنية.
وبحسب المجلة العبرية، فإن هذا القرار يتجاوز أيضًا توصيات اللجنة المختصة، التي أوصت بزيادة لا تتعدى 130 مليار شيكل خلال العقد.
ولفتت إلى أنه رغم التصريحات التي ربطت الخطوة بميزانية 2026، إلّا أن قرار نتنياهو يتعلق أساسًا بالإنفاق العسكري بين عامي 2027 و2036.
ويؤكد خبراء أن هذا الربط يضع حكومات الاحتلال المقبلة أمام التزامات مالية ضخمة يصعب التراجع عنها، وهو ما دفع وزارة المالية في حكومة الاحتلال لوصف القرار بأنه فخ مالي أو قنبلة موقوتة تتسبب بخلل طويل الأمد في هيكل الميزانية.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 50 مليار شيكل سيتم توفيرها من مصادر ذاتية داخل المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية، فيما يعتمد جزء آخر على إيرادات مشروطة، مثل مبيعات معدات عسكرية. أما الزيادة الفعلية في الإنفاق فتبلغ نحو 250 مليار شيكل صافية.
يتوقع خبراء الاقتصاد في إسرائيل أن تؤدي هذه الزيادة إلى رفع العجز السنوي بنسبة تقارب 1% من الناتج المحلي خلال العقد المقبل. هذا الوضع، بحسب التقديرات، سيمنع الدولة من خفض نسب الدين العام التي ارتفعت إلى 70% من الناتج خلال 2025 بعد أن كانت 59% فقط في 2022.
ارتفاع العجز قد ينعكس سلبًا على تقييم الأسواق الدولية لسياسة إسرائيل المالية، ما يزيد صعوبة الحصول على تحسينات في تصنيفها الائتماني.
كما صادقت حكومة الاحتلال على توسيع عدد جنود الاحتياط حتى 280 ألفًا، رغم أن تكلفة الجندي الاحتياطي الواحد تبلغ نحو 48 ألف شيكل شهريًا، وفق وزارة المالية.
وترى جهات مهنية أن حكومة الاحتلال تسير في الاتجاه المعاكس تمامًا لما يجب فعله لتخفيض الإنفاق الدفاعي، مثل إصدار قانون تجنيد فعلي يوسع قاعدة التجنيد في الخدمة النظامية.
وأوضحت المجلة العبرية أنه في ضوء المعطيات الراهنة، تتوقع وزارة المالية الإسرائيلية أن تتجه الحكومة نحو تخفيض كبير في الإنفاق المدني بدءًا من عام 2027، إذ لا توجد قدرة حقيقية على زيادة الإيرادات الضريبية دون الإضرار بالنمو والاستهلاك.
وتشير التقديرات إلى أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026، ستصل إلى نحو 120 مليار شيكل، ترتفع إلى 144 مليار شيكل عند إضافة المساعدات الأمريكية، مع محاولة الحفاظ على عجز أقل من 4% في ذلك العام.
















0 تعليق