قانون التملك في الضفة.. خطوة جديدة نحو الضم وأصوات غاضبة من الفلسطينيين

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صادقت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست خلال هذه الفترة على مشروع قانون يتيح للمستوطنين تملك أراضٍ وعقارات في الضفة الغربية المحتلة في خطوة وصفت بأنها تلغي قانونًا أردنيًا يعود إلى عام 1953 كان يمنع بيع أو تملك الأراضي لليهود في الضفة، وفقًا لما نشرته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.

بحسب نص القانون، يُمكن لأي إسرائيلي شراء أراضٍ داخل الضفة، سواء في "مناطق C" أو حتى في داخل البلدات والمدن الفلسطينية، دون الحاجة إلى وسطاء أو شركات مسجلة لدى الإدارة المدنية الإسرائيلية ما يُعتبر تغييرًا جذريًا في تركيبة السيطرة على الأرض.

 

توجه متسارع لتثبيت السيطرة الإسرائيلية

 

القانون يُعكس توجهًا متسارعًا لتثبيت السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، عبر تحويل أوضاع مستوطنات أو أراض إلى ملكيات خاصة للمستوطنين بدلًا من مؤسسات أو إدارة مؤقتة ما يشكل تنفيدًا فعليًا لما تسميه جهات فلسطينية بـ «ضمّ تدريجي» للضفة.

 

التأثير المباشر على الفلسطينيين

 

ووصفت حركة حماس القرار بأنه "جريمة تشريعية" وانتهاك صارخ للقانون الدولي، معتبرة أن المصادقة عليه تهدف إلى فرض «الأمر الواقع» وتهويد الضفة الغربية.

 إقرار القانون يمنح للمستوطنين حقًّا قانونيًا مكتسبًا على أراض فلسطينية 

ويرى العديد من الفلسطينيين، القانون لا يعني مجرد بيع أو شراء عقارات، بل إعادة هندسة ديموغرافية للأرض والعبث بهوية الضفة، ما يقوّض على نحو نهائي فكرة دولة فلسطينية مستقلة.

وقد حذر مسؤولون فلسطينيون من أن إقرار القانون يمثل انقلابًا على الأطر القانونية القائمة، ويمنح للمستوطنين حقًّا قانونيًا مكتسبًا على أراض فلسطينية وهو ما سيجعل من الصعب جدًا على الفلسطينيين العودة أو الحفاظ على ممتلكاتهم، وفق وكالة وفا الفلسطينية.

 

فلسطينيون من الضفة عبروا عن خوفهم من تداعيات هذا القرار

 

عدد من الفلسطينيين في الضفة الغربية عبّروا في تصريحات خاصة لـ “الدستور”، عن خوفهم من تداعيات هذا القرار، ويقول بعضهم إن القانون يشكل خيانة للتاريخ وللحقوق، ويعتبرونه بمثابة "تصريح رسمي للنهب".

ويُنظر إلى هذا القانون في سياق سلسلة من خطوات تشريعية وتنفيذية اتخذتها إسرائيل هذا العام من محاولات ضمّ واسعة، استخدام مصطلحات توراتية تُعيد تسمية الضفة بـ "يهودا والسامرة"، وغيرها من الخطوات التي تقوّض إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة.

كما أن القانون يُعدّ جزءًا من مخطط أوسع لتحويل الاحتلال إلى استيطان دائم، عبر تثبيت المستوطنين بشكل فردي على الأرض، ما يصعب معه أي حل سياسي يعتمد على تسوية عادلة أو إعطاء حقوق للفلسطينيين.

إقرار الكنيست للقانون يفتح الباب أمام الإسرائيليين لشراء أراضٍ في الضفة الغربية يمثل نقطة تحول دراماتيكية في طبيعة النزاع، ولا يتعلق الأمر الآن فقط باستيطان أو توسع، بل بهيمنة قانونية على الأرض، وتحويل احتلال مؤقت إلى ملكية دائمة ما يهدد الحقوق الفلسطينية التاريخية ويُضعف أي أفق لحل سياسي عادل.

 

وفي هذا الإطار، يرى المواطن والناشط السياسي الفلسطيني فارس مروان فارس أن هذا القانون يفتح الباب لتهجير ممنهج، عبر تحويل ملكيات إلى مستوطنين يسكنون الأرض، بينما يبقى الفلسطيني مُقيّدًا أو مآزونًا على أطراف المناطق.

واعرب في تصريحات خاصة لـ “الدستور”، عن أمله في أن  تُثير هذه الخطوة غضبًا دوليًا ودبلوماسيًا يعيد الحقوق، لكن الغالبية ترى أن معركة الأرض الآن انتقالت من الحماية القانونية إلى حرب يومية على وثائق الأراضي وعلى الهوية.

 الاحتلال يسعى منذ سنوات لضم مساحات واسعة من الضفة الغربية

وبدوره، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى منذ سنوات إلى ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية بطريقة تدريجية وهادئة، مستغلًا الظروف السياسية وانشغال العالم بأزمات أخرى. وأوضح أن نحو 85% من مساحة الضفة الغربية أصبحت وفق التقسيمات الإدارية مناطق (C)، أي تحت السيادة الأمنية والإدارية الكاملة لإسرائيل، ما جعل الاحتلال يسحب كثيرًا من الصلاحيات التي كانت تمارسها السلطة الفلسطينية، خصوصًا في الجوانب الإدارية المتعلقة بالأراضي.

وأضاف الرقب في تصريحات خاصة لـ "الدستور" أن إصدار الكنيست قانونًا يسمح للإسرائيليين بشراء الأراضي في الضفة الغربية يهدف في جوهره إلى شرعنة الضم الهادئ، مؤكدًا أن هذا القانون يُمكّن الاحتلال من تحويل السيطرة الفعلية إلى ملكية قانونية تحت ذريعة “شراء الأراضي”، في وقت يُمنع فيه الفلسطينيون من التملك داخل ما يسمى “إسرائيل”.

وأشار إلى أن هذه الخطوات ليست مفاجئة، بل تندرج ضمن اتفاقات سياسية أبرمها نتنياهو مع شركائه في الائتلاف، مثل بتسلئيل سموتريتش، الذي دفع نحو توسيع الاستيطان وتوفير غطاء قانوني لمصادرة المزيد من الأراضي. وقال الرقب إن القانون الجديد يأتي ليمنح الاحتلال قدرة أكبر على مصادرة الأراضي وبيعها للمستوطنين تحت غطاء “تملك شرعي”، مؤكدا أن جوهر الصراع الحقيقي هو في الضفة الغربية، وليس في غزة.

 الاحتلال استغل الحرب ليحوّل الأنظار عن الهدف الأساسي وهو الضفة الغربية

وأضاف: "لو لا أحداث السابع من أكتوبر، لما شهدنا ما حدث في غزة، لكن الاحتلال استغل الحرب ليحوّل الأنظار عن الهدف الأساسي، وهو الضفة الغربية"، وشدد على أن الاحتلال يعود اليوم بقوة لاستكمال خطة القضم التدريجي للأرض عبر ثلاث أدوات متوازية: المصادرة، التملك، وبيع أملاك الغائبين للمستوطنين.

وحذر الرقب من بروز ظاهرة بيع بعض الأراضي لإسرائيل نتيجة الإغراء المالي الكبير، موضحًا أن الاحتلال يدفع مبالغ تفوق القيمة الحقيقية للأرض بأضعاف، ما قد يدفع بعض الأفراد إلى البيع، لتتسرب الأراضي “بهدوء” إلى المستوطنين، وتتحوّل بمرور الوقت إلى ملكيات إسرائيلية دائمة.

واختتم بالقول إن هذا القانون ليس مجرد إجراء تشريعي عابر، بل جزء من مخطط استراتيجي مستمر يهدف إلى تصفية الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية وتفريغ الأراضي من أصحابها الشرعيين، وبالتالي فرض واقع جديد يجعل أي حل سياسي مستقبلي شبه مستحيل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق