جارية السلطان.. تفاصيل حكاية جدة بيرم التونسى

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كما أطلق لقب أمير الشعراء على الشاعر أحمد شوقي٬ أطلق على بيرم التونسي أمير شعراء العامية٬ خاض تجربة النفي من مصر أكثر من مرة٬ وفي كل مرة كان يخوض المغامرة تلو الأخرى ليعود لبلده وهواه وترابها الذي عشق٬ رغم أن جذوره تونسية٬ وهو لا ينفي أن جده ألقت به المقادير إلى شاطئ الإسكندرية فاتخذ منها موطنًا ووطنًا٬ وفيها ولد أبوه محمد مصطفى بيرم.

في مذكراته يروي بيرم التونسي، عن حكاياته، وعن أصول أسرته، كما روتها لها والدته، عن الكتاب الذي كرهه نظرًا لما كان يتعرض له من ضرب "بالفلقة" وغيرها من الأسرار التي حملتها مذكراته.  

والدة بيرم التونسي الزوجة الثانية لوالده

في العام الذى خرج فيه بيرم من الكتاب، فوجئ بحادثین، الأول كان مولد أخته وموتها بعد هذا الميلاد بثلاثة أيام، والحادث الثاني جاء عن طريق المصادقة، فقد اكتشفت أمه أن زوجها قد تزوج عليها سرًا من فتاة كانت تتردد على دكانه في فترات متفاوتة وأنه أسكنها في منطقة بعيدة عنهم اسمها "الأزاريطة"، وهذه المنطقة كانت في ذلك الوقت من ضواحي الإسكندرية وغير معمورة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن أمه لم تستطع مفاتحة زوجها بالخبر، خوفًا من غضبه وادعائه تجسسها على أحواله، ولكنه مع الأيام بالتدريج صارحها بزواجه، وقال لها أن الله أحل له أربع زوجات، وهو لم يتزوج عليها إلا واحدة فقط.

وقابلت "أم بيرم" هذه الحادثة في حياتها بمنتهي البرود والاستكانة، كانت لا تعاتب زوجها بأي کلام، ولم تفاتحه في هذا الزواج الجديد مرة ثانية، ولم تشك لأحد إلى أن كانت ليلة جلست فيها مع ابنها الصغير بيرم لتروي له قصة أبيه المزواج من أولها.

حكاية “جدة بيرم التونسي” جارية السلطان

قالت له أن الزوجة الجديدة ليست الزوجة الثانية في حياة والده، فأمه هي الزوجة الثانية، أما الزوجة الأولي فهي أم "لبيبة" أخته، التي توفيت تاركة له هذه البنت الوحيدة التي بينها وبينه عشرون سنة كاملة من العمر.

وتسهب الأم في الحديث مع الطفل، وهو متجه بكل مشاعره نحوها، وكأنه يطلب مزيدًا من المعرفة عن أبيه، قالت له الأم: أن جد والده جاء من تونس إلي الإسكندرية، وهو حاقد علي أقاربه في موطنه الأصلي تونس، وقطع بيرم كلامها وهو يقول لها في سذاجة: "طردوه؟" وتربت الأم على كتف بيرم وتقبل وجنتيه ثم تقول له: لم يحدث هذا بالظبط، فجدك كان مضطرًا للهجرة حتى يهرب من العيون التي كانت تطارده، والسبب جارية رماها القدر في يد سلطان من سلاطين الأتراك، أهداها هذا السلطان إلى والد جدك، ومات الأب تاركًا ابنه بدون حق شرعي يثبت بنوته، وبالتالي لم تعترف الأسرة بشرعية جدك حتى لا يشاركهم في الميراث، فبصق عليهم وشد رحاله ومر بالأراضي الحجازية وجاء منها إلى ميناء الإسكندرية باعتباره ميناء يعمل فيه أكثر المهاجرين، وتزوج لينجب أباك وولدين هما عماك الآن.

وتمر الأيام وأشباح هذه الحوادث والقصص لا تفارق مخيلة بيرم، بل تجعله يبدو أمام الناس طفلًا حزينا لا يقبل اللعب مع أولاد عمه أو غيرهم من أولاد الجيران، فهو يكتفي بالجلوس عي عتبة البيت ليراقب أنداده "يبلبطون" في ميناء البحر، ويجرون بعضهم وراء بعض بمحاذاة الساحل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق