واشنطن تُشعل الجدل بخطة سلام مثيرة للريبة في أوكرانيا: 28 بندًا يهدد السيادة ويمنح موسكو مكاسب غير مسبوقة

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أعلنت الولايات المتحدة عن تعديل جوهري في مبادرة السلام التي تعمل عليها لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك عبر إعداد خطة مكوّنة من 28 بندًا شارك في صياغتها مسؤولون أمريكيون ونظراء روس، من بينهم شخصيات مقربة من دوائر صنع القرار في الكرملين.

خطة أمريكية تثير عاصفة سياسية

الخطة التي وصفتها واشنطن بأنها "مبادرة متوازنة بدعم من الطرفين" قوبلت برفض واسع في كييف والعواصم الغربية، وسط اتهامات بأنها تخدم المصالح الروسية بدرجة تتجاوز المقبول دبلوماسيًا.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

احتجاج أوكراني… وتساؤلات حول غياب المشاركة

ورغم تأكيد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن الخطة "أمريكية الصياغة بمساهمات من الجانبين"، إلا أن مصادر أوكرانية اعتبرت الوثيقة أقرب إلى "قائمة رغبات روسية".

كما أن واشنطن مررت المبادرة دون إشراك أوكرانيا في صياغة البنود الأساسية، ما فاقم مخاوف كييف بشأن مستقبل وحدة أراضيها واستقلال قرارها السياسي.

البند الأخطر: اعتراف أمريكي بمكاسب روسيا الإقليمية

أكثر نقاط الخطة إثارة للجدل تمثلت في:

1. الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم ودونيتسك ولوجانسك

الخطة تدعو الولايات المتحدة ودولًا غربية إلى الإقرار بسيطرة موسكو على هذه المناطق "بحكم الأمر الواقع"، وهو ما رفضه زيلينسكي واعتبره "خيارًا مستحيلًا".

2. انسحاب أوكراني من مدن رئيسية

تطالب المبادرة كييف بالانسحاب من مناطق مثل كراماتورسك وسلوفيانسك وتحويلها إلى مناطق منزوعة السلاح، ما يعني تقديم تنازلات في مناطق لم تستطع روسيا السيطرة عليها عسكريًا.

3. تجميد خطوط النزاع في خيرسون وزابوريجيا

وبذلك يتم تثبيت مكاسب روسيا الحالية ومنع أي محاولات أوكرانية لاستعادة الأراضي.

شروط سياسية: التخلي عن الناتو وتغيير هوية الدولة

4. حظر الانضمام للناتو دستوريًا

الخطة تطالب كييف بإدراج التزام دائم بعدم دخول الحلف، إضافة إلى تعديل سياسة الناتو لمنع عضوية أوكرانيا مستقبلًا.

5. تحديد حجم الجيش بـ 600 ألف جندي

وهو تقليص كبير للقوة العسكرية الأوكرانية.

6. منع أي وجود عسكري أجنبي

خصوصًا قوات الناتو، مع فرض قيود طويلة الأمد على التعاون الدفاعي الغربي.

7. الاعتراف باللغة الروسية لغة رسمية

مع منح وضع رسمي للكنيسة الأرثوذكسية الروسية داخل أوكرانيا.

8. إلغاء أي مطالبات قضائية ضد موسكو

وهو ما يعني إسقاط حقوق آلاف الضحايا في التعويضات والمساءلة.

المقابل ..تعويضات جزئية وإعادة إدماج روسيا عالميًا

وفي مقابل التنازلات، تعرض الخطة على أوكرانيا.

ضمانات أمنية أمريكية تتضمن "استجابة عسكرية منسقة" في حال أي غزو جديد.

استخدام أصول روسية مجمّدة لأعمال إعادة الإعمار.

عودة روسيا التدريجية للأسواق الدولية.

رفع العقوبات وإمكانية العودة إلى مجموعة G8.

إلا أن كييف ترى أن هذه المكاسب "رمزية وغير كافية" مقارنة بما قد تخسره من أراضٍ وسيادة.

لماذا عدلت واشنطن خطتها؟

تقول مصادر غربية إن الضغوط الأوروبية —خصوصًا من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا— لعبت دورًا رئيسيًا في دفع واشنطن لمراجعة بنودها، بعد تحذيرات من أن الخطة "تهدد الأمن الأوروبي" وتعيد رسم حدود القارة بالقوة.

كما واجهت إدارة ترامب هجومًا حادًا داخل الكونجرس، أجبرها على الإقرار بأن الخطة بحاجة إلى "تعديلات جوهرية" خصوصًا في القضايا المتعلقة بالحدود وتقييد الجيش الأوكراني.

رئيس الوزراء الأوكراني السابق أرسيني ياتسينيوك وصف الوثيقة بأنها "استسلام تدريجي مغلف بعبارات دبلوماسية"، معتبرًا أنها لا يمكن أن تكون أساسًا لحل دائم أو مستدام.

خلاصة المشهد

الخطة الأمريكية التي جاءت في محاولة لإنهاء الحرب تبدو اليوم أقرب إلى نقطة اشتعال جديدة، إذ تفتح الباب أمام صراع دبلوماسي حاد بين كييف وواشنطن، وتهدد بتوسيع الفجوة بين الغرب والولايات المتحدة.

كما تُظهر أن الحرب في أوكرانيا لم تعد مجرد نزاع ميداني، بل معركة سياسية ـ دولية لتحديد شكل النظام العالمي وتوازن القوى لعقود قادمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق