«الإريانى» يكشف تحولات المشهد.. الحوثيون بين ضعف عسكرى متصاعد وتصدع اجتماعى لا يمكن ترميمه

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى لحظة فارقة من مسار الصراع اليمني، وفى ظل تراكم المتغيرات الميدانية والسياسية التى تشهدها الساحة خلال العامين الماضيين، جاء تصريح وزير الإعلام اليمنى معمر الإريانى ليعكس قراءة رسمية واضحة لطبيعة التحولات التى تضرب بنية ميليشيا الحوثى الإرهابية التابعة لإيران.

فالوزير يؤكد أن الميليشيا تمر بمرحلة ضعف غير مسبوقة منذ انقلابها على الدولة، نتيجة الضربات العسكرية المركّزة التى تلقتها وخسارتها أعدادًا كبيرة من عناصرها، وفى مقدمتهم القيادات العقائدية التى طالما اعتمدت عليها لترسيخ مشروعها السلالي.

إضافة إلى ذلك، يرى الإريانى أن الجهود الحكومية والإقليمية والدولية التى استهدفت مصادر التمويل والتسليح أسهمت بدورها فى إضعاف الميليشيا، وأدت إلى تآكل قدرتها على الحشد والتعبئة، الأمر الذى انعكس بشكل مباشر على تماسكها الداخلى وروحها القتالية.

وفى مواجهة هذا التراجع الذى بات من الصعب على الحوثيين إخفاؤه، لجأت الميليشيا فى الأيام الأخيرة إلى تنظيم ما تصفه بـ"وقفات قبلية" واستعراضات شكلية فى عدد من المديريات التى تخضع لسيطرتها بقوة السلاح.

وهو تحرك يصفه الوزير بأنه محاولة يائسة للظهور بمظهر القوة، غير أن طبيعة هذه التجمعات، وسياقها المفتعل، يكشفان حجم الإرباك الذى يضرب جسد الجماعة التنظيمي، وسعيها الحثيث لإيجاد أى صورة تعيد لها شيئًا من الحاضنة الشعبية التى فقدتها تدريجيًا بعد أن انكشفت شعاراتها الزائفة أمام المجتمع اليمني، واتضح حجم الدمار الذى جلبته على البلاد.

ويؤكد الإريانى أن القبيلة اليمنية، بثقلها التاريخى ودورها المحورى فى حماية الثورة والجمهورية، ليست ولن تكون جزءًا من المشروع الحوثى ذى الامتداد الإيراني، فالقبيلة التى حملت الدولة على أكتافها وقدمت التضحيات فى مختلف محطات التاريخ اليمنى الحديث، لا يمكن لها أن تنحاز إلى جماعة انقلبت على المؤسسات ونهبت مقدرات الدولة ودفعت اليمن إلى مستنقع الفوضى والحرب.

ومن هنا يذكّر الوزير بأن علاقة الحوثيين بالقبيلة لم تكن فى يوم من الأيام علاقة تحالف أو انسجام، بل علاقة عداء مفتوح، حيث خاضت الميليشيا منذ نشأتها حربًا ممنهجة ضد البنية القبلية، بدأت من صعدة وعمران وصنعاء، ووصلت إلى مختلف المحافظات التى توسعت فيها بقوة السلاح. وتجلت هذه العداوة، كما يشير الإرياني، فى حملات القمع والاقتحامات والاختطافات التى نفذتها الميليشيا بحق أبناء القبائل، وفى سلسلة الانتهاكات التى شملت تفجير منازل المشايخ، وتشريد بعضهم خارج البلاد، ومصادرة ممتلكاتهم، والسعى لإحلال عناصر موالية للجماعة بديلًا عن القيادات القبلية التقليدية.

كما مارست ميليشيا الحوثى سياسات تجويع وإفقار بحق المناطق القبلية، وفرضت جبايات غير قانونية، ودفعت بأبنائها قسرًا إلى جبهات القتال لتستخدمهم وقودًا لحروبها العبثية، فى مسعى واضح لإعادة تشكيل القبيلة بما يخدم مشروعها الطائفى والسلالي.

ويشير الوزير إلى أن لجوء الحوثيين اليوم إلى القبيلة، التى قاومتهم وقامت بصدهم فى مراحل متعددة، ليس مؤشرًا على قوة، بل علامة على فقدان التوازن داخل الجماعة، وحالة الانهيار التى تعيشها، وعدم قدرتها على استعادة ثقة المجتمع الذى لفظها منذ سنوات.

فهذه التجمعات المصطنعة التى تحرص الجماعة على تصويرها وترويجها، ليست سوى محاولة لإيهام قواعدها التنظيمية بأنها ما تزال ممسكة بزمام المبادرة، بينما الواقع يؤكد هشاشتها المتزايدة وافتقارها إلى النفوذ الاجتماعى الذى كانت تدعى امتلاكه.

وفى ختام التصريح، أكد الإريانى ثقته المتجددة بأن القبيلة اليمنية ستبقى، كما كانت دائمًا، سندًا للدولة والجمهورية، وأنها ستقف فى اللحظة الفاصلة إلى جانب المشروع الوطنى ضد المشروع التخريبى الإيرانى وأداته الحوثية.

ويرى مراقبون أن تصريح الوزير يعكس قراءة دقيقة لتراجع الحوثيين فى مستوياتهم العسكرية والتنظيمية، وأنه يشير إلى تحولات جوهرية فى المشهد اليمنى قد تمهد لمرحلة جديدة من إعادة تشكيل موازين القوى. 

كما يلفت مراقبون إلى أن فقدان الحوثيين للحاضنة الاجتماعية، وتآكل علاقتهم بالقبائل، يمثلان نقطة ضعف استراتيجية يصعب تجاوزها، وأن محاولاتهم الحالية لاستدعاء القبيلة عبر استعراضات شكلية لن تغير من حقيقة الانهيار الذى يضرب منظومتهم الداخلية، ولن يعيد إليهم الثقة الشعبية التى خسروها نتيجة ممارساتهم القمعية وسياساتهم الاستبدادية.

ويرى مراقبون أن مستقبل الصراع فى اليمن قد يشهد تحولات مهمة إذا ما استثمرت الحكومة اليمنية والقوى الوطنية هذا التراجع الحوثى لتعزيز حضور الدولة، واستعادة المساحات الاجتماعية التى تضررت بفعل سنوات الحرب، وتهيئة بيئة تسمح للقبيلة بأن تعود لدورها الطبيعى باعتبارها صمام أمان وركيزة للاستقرار الوطني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق