فى ظلّ الحرب الدامية التى تعصف بالسودان منذ أكثر من عامين، وما خلّفته من دمار إنسانى واجتماعى غير مسبوق، تتعالى الأصوات المنادية بإعادة النظر فى جذور الأزمة وأدوار الفاعلين فيها، من عسكريين ومدنيين، ومن قوى داخلية وخارجية، فى محاولة لفهم ما الذى أوصل البلاد إلى هذا النفق المظلم.
الحزب الشيوعي السوداني
فى هذا السياق، يُعدّ صوت الحزب الشيوعى السودانى من أبرز الأصوات التى تتبنى خطابًا نقديًا جذريًا تجاه أطراف الصراع كافة، رافضًا الحلول الجزئية والتسويات التى – بحسب رؤيته – لا تعالج البنية العميقة للأزمة السودانية.
فى هذا الحوار، يتحدث على سعيد، عضو المكتب السياسى للحزب الشيوعى السوداني، إلى “البوابة نيوز” بجرأة وصراحة عن جملة من القضايا الحساسة التى تشغل الرأى العام السودانى والإقليمي.
وتطرق "سعيد" إلى جرائم قوات الدعم السريع ضد الشعب السودانى والتى يراها غريبة عن البلاد وتشبه جرائم داعش، مؤكدًا أن محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي" هو رجل عصابات وحرامى حمير قبل أن يوصف بأنه قائد عسكري.
حوار صريح ومفتوح، يعيد قراءة المشهد السودانى من منظور فكرى وسياسى يساري، محاولًا تفسير الانهيار من جذوره، لا من نتائجه، وإلى نص الحوار:
■ هل سقطت شرعية قانون يناير ٢٠١٧ بدمج الدعم السريع فى الجيش بعد رفع السلاح فى وجه الشعب؟
على سعيد: القانون لا يسقط إلا بالبرلمان لكن رئيس المجلس السيادى السودانى أصدر قرارًا بعد اندلاع حرب أبريل ٢٠٢٣ بتعديل وضع الدعم السريع فى الجيش، وأصبح "قوة متمردة".
■ تحدثتم عن ظواهر غير مألوفة فى المجتمع السودانى مثل الاغتصاب والذبح، ما أسباب تفشى هذه الجرائم فى سياق الحرب الحالية؟
التنكيل بالجثة والذبح هى عادات بدوية، المعروف فيها أن القتل غير كافٍ للانتقام، لذلك ما يجرى من جانب الدعم السريع لا يمت بصلة للشعب السودانى والتاريخ شاهد على هذا الأمر، وحتى فى دارفور نفسها كانت تحدث حروب بين القبائل الزراعية والرعاة وتحل الخلافات بالعرف القبلي، إلا أنه منذ ٢٠٠٣ وبعد استحداث قوات الجنجويد لاحظنا تغيرًا كبيرًا فى الصراعات والحروب، التى بات الاغتصاب والذبح جزءًا لا يتجزأ منها.
وتتطابق مشاهد القتل والذبح والاغتصاب مع ما يقوم به تنظيم داعش الإرهابى ضد ضحاياه، فأفعال الدعم السريع هى نفس أفعال داعش.
■ أعلنتم تأييد أربعة بنود فقط من مبادرة اللجنة الرباعية، فما هى تحفظاتكم على بقية البنود؟
أولا، اللجنة الرباعية مكونة من مجموعة من الدول أكدت على مدنية الحكم فى السودان ووقف إطلاق النار والهدنة وإدخال المساعدات وأمور أخرى، لكن السودان وشعبه لم يشارك فى كتابة مقترح اللجنة الرباعية، وبالتالى أتحفظ على عدم مشاركة السودان فى هذا الأمر رغم وجود دول شقيقة فى اللجنة مثل مصر.
الأمر الآخر، أن أحد بنود المبادرة الرباعية، هو تكوين حكومة مدينة فى السودان، والسؤال الهام هو ما هى معايير اختيار هذه الحكومة وهل سيكون من شخصيات وأحزاب مؤيدة للثورة أم ضدها.
■ هل الهدنة التى نصت عليها الرباعية بداية لتقسيم السودان؟
هناك اتجاه للتقسيم بدون شك وهى مؤامرة داخلية تسعى لتنفيذها "الجنجويد" أو جهات خارجية من مصلحتها تقسيم السودان، فدارفور ولاية غنية جدًا بالمعادن والمياه، لذا فمن مصلحة بعض الدول ألا يكون هناك حكومة سودانية قوية تبسط سيطرتها على ربوع البلاد.
■ هل القوى المدنية السودانية جزء من المشكلة أم الحل؟
القوى السياسية الموجودة هى نتاج طبيعى للمجتمع نفسه، أى أن الحزب السياسى ليس نبتًا شيطانيًا، وإنما يمثل قطاع من المجتمع.
حينما وقعت الثورة ضد البشير كان هناك عدد من "أحزاب المعارضة" ضد الثورة وهاجموا الثوار ووصفوهم بأسوأ الأوصاف وحينما أطلق ميثاق يناير ٢٠١٩ انضمت هذه الأحزاب ووقعت عليه من باب لم الشمل وكان خطأ كبيرًا.
■ هل يمكن أن توجه كلمة موجزة لهؤلاء الأشخاص: البشير وحمدوك وحميدتي؟
البشير انقلب على النظام الديمقراطى فى السودان فى يونيو ١٩٨٩ بعد ثورة سودانية ضد نظام جعفر نميري، وكان جزءًا من البرلمان والحكومة أيضًا، وخلال حكمه ارتكب مذابح فى دارفور، ومات ٢ مليون سودانى فى الجنوب والشمال بعدما حول الحرب من سياسية إلى دينية، لذلك هو ديكتاتور تاريخه سئ جدا.
حمدوك كان أكثر الشخصيات تمتعًا بالشعبية فى السودان خلال توليه الحكومة لكن خضوعه إلى البنك الدولى وصندوق النقد، واتباعه تعليماتهم برفع الدعم عن كثير من السلع والخدمات، لتنهار قيمة الجنيه السودانى وبدأ الانهيار الاقتصادي.
حمدوك خضع للبنك الدولي، الذى يفرض دينًا دائمًا على البلاد وتظل فى دوامة لا تنتهي، ولم يفعل شيئا للشعب السوداني.














0 تعليق