يُعدّ مبدأ التعاون من القيم الراسخة في الشريعة الإسلامية، فهو أساس ترابط المجتمع وتماسك أفراده، إلا أن هذا التعاون في الامتحان لا يكون محمودًا إلا إذا كان قائمًا على البر والتقوى، ويهدف إلى تحقيق مصالح حقيقية لا تنطوي على أي مخالفة شرعية أو ضرر عام أو خاص، كما يؤكد الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، موضحًا أن أي تعاون يؤدي إلى إبطال حق أو اعتداء على نظام أو إضاعة أمانة، يتحول من فضيلة إلى مخالفة صريحة لأوامر الشرع.
الغش في الامتحانات.. تعاون على الإثم لا يجوز شرعًا
أوضح شلبي أنّ ما يقوم به بعض الطلاب من مساعدة زملائهم خلال أداء الامتحانات لا يدخل تحت باب التعاون المحمود، بل يقع بشكل مباشر تحت بند "التعاون على الإثم والعدوان"، وهو أمر نهى عنه الله تعالى صراحة، مؤكّدًا صحة الاستدلال بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا"، وهو حديث يشمل كل صور الغش دون استثناء، سواء كان في البيع أو في المعاملات أو في التحصيل الدراسي، لأن الغش اعتداء على الأمانة وإفساد للقيم التي تستقيم بها حياة الأفراد والمجتمعات.
مخالفة صريحة لمقصد الامتحان وتهديد لمبدأ العدالة التعليمية
أشار أمين الفتوى إلى أن جوهر الامتحان يقوم على قياس قدرات الفرد وتقييم جهده الشخصي بعيدًا عن أي تدخل خارجي، وبالتالي فإن قيام الطالب بمساعدة زميله بالإجابة أو تمرير الحلول يُعد إبطالًا للمقصد الأساسي من الامتحانات، كما أنه يمثل إخلالًا بالعدالة التعليمية التي تقوم على المساواة بين جميع الطلاب، ويترتب عليه ظلم من يجتهد ويتعب في مقابل من يحصل على درجات لا يستحقها، الأمر الذي يجعله فعلًا محرّمًا شرعًا ومرفوضًا تربويًا.
الأمانة والصدق.. قيم ثابتة لا تقبل التشويه بالغش
ويشدّد شلبي على أن الإسلام يقوم على أسس واضحة من الصدق والأمانة، وهما قيمتان لا تنفصلان عن أي سلوك يومي للفرد، سواء في التعاملات أو في الدراسة أو في العمل، وأن الغش - مهما بدا بسيطًا - يُعتبر انحرافًا عن هذه المبادئ، ويزرع في النفس الاعتياد على تجاوز القواعد، مما ينعكس بالسلب على مستقبل الطالب وعلى المجتمع بأكمله.
















0 تعليق