لا تزال مواقد الحطب القديمة تحافظ على حضورها داخل عدد من قرى محافظة الوادي الجديد، رغم التطور الكبير في أدوات الطهي الحديثة. فهذه المواقد المصنوعة من الطين والحجر تمثل جزءًا أصيلًا من التراث الريفي الذي يربط الأهالي بذاكرة الماضي ونكهة الطعام التي لا تزال تقاوم الزمن.
وتُعد هذه المواقد ملتقى للأسر في أفنية المنازل، حيث تمتزج رائحة الدخان بنكهة الأكلات البلدية، لتصنع أجواءً لا يمكن أن يصنعها أي جهاز حديث.
وفي هذا السياق، يقول حمدي حسين، وهو طباخ بلدي من قرية الجديدة: "الطبخ على مواقد الحطب له طعم تاني.. مجرد ما نرفع القدر من على النار، الريحة بتفوح في المكان كله، وبتحس إن الأكلة ليها روح، سواء كانت طواجن أو عيش بلدي أو لحوم مطهية على نار هادية". ويؤكد أن الأهالي يلجؤون لهذا النوع من الطهي في المناسبات والعزومات لما يضفيه من نكهة مميزة لا توفرها الأجهزة الكهربائية.
أما من ناحية سهولة التحكم في النار، فيشير عدد من أهالي القرى إلى أن المواقد البلدية تمنح الطباخ قدرة كاملة على ضبط الحرارة، حيث يمكن رفع أو خفض قوة اللهب من خلال إضافة قطع الحطب أو المخلفات الزراعية مثل جريد النخيل وسعف التمر. وتتيح هذه الطريقة طهي الطعام على درجات حرارة ثابتة وهادئة، وهو ما يناسب الطواجن والأكلات التي تحتاج وقتًا طويلًا على النار.
ويؤكد الشيف إسماعيل محمد من قرية بدخلو، أن الطعام الذي يُطهى على المواقد البلدية يختلف تمامًا في الطعم عن الطعام المعد على البوتاجاز أو الجريل.
ويقول إسماعيل أن "النكهة الطبيعية اللي بتطلع من دخان الحطب بتدي للأكل طعم زمان.. حتى اللحوم لما تتسوى على نار الحطب بتكون أطرى وألذ ومليانة نكهة". ويشير إلى أن الروائح المنبعثة أثناء الطهي تزيد شهية الحاضرين قبل تقديم الطعام.
ويضيف الشيف إسماعيل أن سرعة الطهي باستخدام مواقد الحطب تُعد أحد أهم مزاياها، خاصة عند الاعتماد على أنواع خشب سريعة الاشتعال.
ويوضح أن النار القوية تعمل على تسوية الطعام في وقت أقل، مع احتفاظه بعصارة ونكهة مميزة، مؤكدًا أن هذا الأسلوب ما زال خيارًا مفضلًا لدى الكثير من الأسر في الوادي الجديد، خصوصًا في الولائم والمناسبات الشعبية التي تحافظ على تراث المحافظة وهويتها الريفية.













0 تعليق