في إحدى قرى محافظة المنيا الهادئة، لم يكن عبدالرحمن القاياتي – الطالب بكلية إدارة الأعمال بجامعة دراية – مجرد شاب يجلس أمام جهاز كمبيوتر متواضع، بل كان يحمل داخل غرفته الصغيرة مشروعًا بحجم وطن. فبينما يتعامل الكثيرون مع الأعطال المنزلية باعتبارها مشكلات يومية معتادة، كان عبدالرحمن يرى فيها فرصة لحلّ ابتكاري يُمكن أن يسهّل حياة ملايين المواطنين.

انطلق عبدالرحمن من واقع يعيشه كل بيت مصري: أعطال مفاجئة في الكهرباء، تسريب مياه مزعج، صنبور معطّل، أو سيارة تتوقف فجأة على الطريق دون سابق إنذار. ورغم بساطة الفكرة، إلا أنه قرر تحويل هذا الاحتياج المتكرر إلى منصة رقمية متطورة تُقدّم الخدمة بكفاءة وشفافية، فكانت النتيجة ابتكار تطبيق «صيانتي»، وهو تطبيق ذكي يتيح للمستخدم الوصول لأقرب فني مُعتمد بضغطة واحدة، مع ضمان الأمان، السرعة، والسعر العادل.

وبإمكان التطبيق – الذي ما زال في مرحلة الاختبارات النهائية – تحديد موقع العميل عبر تقنية الـGPS، ثم عرض الفنيين المتاحين في المنطقة نفسها، مع إتاحة خاصية المحادثة المباشرة لشرح المشكلة وتحديد السعر قبل بدء أي خطوة. ويعتمد «صيانتي» على بنية تقنية مرنة تسمح بتقديم خدمات متنوعة تشمل الكهرباء، السباكة، النجارة، وصيانة الأجهزة، بالإضافة إلى خدمات الطوارئ على الطرق.

ورغم قلة الإمكانيات، وعدم وجود تمويل ضخم أو فريق عمل كبير، استطاع عبدالرحمن أن يطوّر نموذجًا أوليًا قابلًا للتوسع، مستندًا إلى إيمانه بأن التكنولوجيا الحقيقية ليست مجرد رفاهية، بل وسيلة لحل مشاكل الناس اليومية وتخفيف معاناتهم. ويؤكد أن التطبيق لا يستهدف مساعدة العملاء فقط، بل يسعى أيضًا لخلق فرص عمل جديدة لآلاف الفنيين في المحافظات، عبر دمجهم في سوق رقمي يوفر لهم عملًا مستقرًا ومصدر دخل أفضل.

ويطمح عبدالرحمن للوصول بتطبيقه إلى كل بيت مصري، مع خطط مستقبلية للتعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني؛ لضمان انتشار أكبر وتقديم خدمة أكثر جودة. ويرى أن قصته ليست مجرد مشروع ناشئ لشاب جامعي، بل نموذج مصري مشرف يؤكد أن الإبداع يمكن أن يخرج من أبسط الأماكن، وأن الإرادة قادرة على أن تتحول إلى إنجاز مهما كانت التحديات.

بهذه الخطوات الواثقة، يسعى الطالب الشاب لأن يصبح «صيانتي» أحد أهم التطبيقات الخدمية في مصر، ولأن يكتب اسمه ضمن رواد الابتكار الذين نجحوا في تحويل فكرة بسيطة إلى مشروع يخدم ملايين ويغيّر واقعًا كاملًا