عصب الاقتصاد الرقمي.. خبراء يضعون خارطة طريق لمستقبل البنية التحتية المصرفية الذكية بمصر

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

​​شدد خبراء على أن البنية التحتية المصرفية تمثل "عصب الاقتصاد الرقمي"، وأن الهدف الحالي تجاوز مجرد تشغيل الأعمال ليصبح ضمان استمراريتها في مواجهة التهديدات السيبرانية والتشغيلية المتطورة.
 

جاء ذلك في جلسة حوارية استراتيجية ضمن فعاليات مؤتمر AIDC المصاحب لمعرض القاهرة الدولي للتكنولوجيا (Cairo ICT)، بعنوان "البنية التحتية المالية والمصرفية في السنوات القادمة"، حيث اجتمع نخبة من قادة الفكر التكنولوجي لمناقشة التحولات الجذرية التي تشهدها الصناعة المصرفية، والتحديات والفرص التي تفرضها التقنيات الناشئة.
وركز النقاش على كيفية بناء بنية تحتية ليست فقط قوية، بل أيضًا ذكية وقادرة على التكيف السريع، عبر تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في منع الاحتيال والتقييم الائتماني، وتطبيق بنية الثقة الصفرية لمواجهة تحديات التشغيل البيني، والاستعداد المبكر لتهديدات الحوسبة الكمومية المستقبلية.

​أدار الجلسة المدير التقني في eFinance، محمود عشماوي، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أن الحديث عن البنية التحتية لم يعد يقتصر على الأجهزة والبرمجيات، بل امتد ليشمل مفاهيم أعمق تتعلق بالاستمرارية والأمان والمرونة.

​     إعادة تعريف الخدمات المالية

​بدأ الرئيس التنفيذي لشركة ICT Misr، محمد المفتي، حديثه بالتركيز على الدور المحوري الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في إعادة تعريف الخدمات المالية، مشددًا على أن قيمته تكمن في تمكين المؤسسات من أن تصبح أكثر ذكاءً وسرعة في اتخاذ القرارات. 
شرح المفتي قائلا:"الذكاء الاصطناعي يعزز حياتنا ويجعل كل شيء أسهل وأسرع، وفي القطاع المصرفي، نرى تطبيقات مذهلة بالفعل.. أولًا، منع الاحتيال في الوقت الفعلي (Real-time Fraud Prevention)؛ حيث يمكن للأنظمة الذكية تحليل آلاف المعاملات في أجزاء من الثانية واكتشاف الأنماط المشبوهة وإيقافها قبل وقوع الضرر. 
ثانيًا، أتمتة إجراءات "اعرف عميلك" (Automated KYC)؛ فبفضل توفر الهوية الرقمية، يمكننا تسريع عملية انضمام العملاء الجدد وتقديم الخدمات لهم بشكل فوري وسلس.
ثالثًا، وهو الأهم، التقييم الائتماني المعتمد على البيانات (Data-driven Credit Scoring). لدينا كم من البيانات التي يمكن للذكاء الاصطناعي تحليلها لبناء نماذج ائتمانية دقيقة، مما يسهل تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة ويفتح آفاقًا جديدة للنمو".

​تحديات التشغيل البيني والأمان

​من جانبه، قال المدير الإداري في Washington، WB Engineering، بارت ستيوارت، إن التحديات الهيكلية التي تواجه النظام المالي، مؤكدًا أن تحقيق التكامل هو العقبة الأكبر، مضيفًا التحدي الأكبر الذي نواجهه اليوم هو التشغيل البيني. وتابع: "لدينا بنوك، وشركات تكنولوجيا مالية، ومنصات حكومية، وكل منها يعمل في منظومة مختلفة، والهدف هو كسر هذه العزلة وبناء شبكة مدفوعات سلسة ومتكاملة، أما التحدي الثاني فهو المرونة والأمان. 
أكد الحاجة للانتقال إلى بنية الثقة الصفرية (Zero Trust Architecture)، وهو مفهوم يعني أننا لا نثق بأي جهاز أو مستخدم بشكل افتراضي، حتى لو كان داخل الشبكة، وضرورة الاستعداد لتهديد مستقبلي هائل وهو الحوسبة الكمومية (Quantum Computing)، التي ستكون قادرة على كسر خوارزميات التشفير الحالية بسهولة. علينا البدء من الآن في إعادة تصميم أنظمتنا لتكون مقاومة لهذه الهجمات. 
وأخيرًا، يجب أن تكون جميع أنظمتنا جاهزة للسحابة (Cloud-ready) للتخلص من الأنظمة القديمة وتمكين التكامل السريع عبر واجهات برمجة التطبيقات (APIs)".

​الشبكات الذكية والثقة الصفرية

و​اختتم النقاش كبير مهندسي الحلول في HPE Aruba Networking، إسلام منجي، الذي قدم رؤية عميقة حول دور الشبكات كعمود فقري لأي مؤسسة مالية، وكيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تجعلها أكثر ذكاءً وأمانًا. شرح منجي بالقول: "الشبكة هي الأساس الذي يحمل بيانات كل ماكينة صراف آلي، وكل فرع، وكل معاملة، وهناك ثلاثة تحديات رئيسية تواجه الشبكات المصرفية: الإتاحة العالية، الأمان، والمرونة، وتتجاوز الإتاحة العالية مجرد وجود وصلات احتياطية؛ إنها تتعلق بتصميم الشبكة بطريقة تضمن عدم وجود نقطة فشل واحدة، مثل تصميم الشبكات الإقليمية المترابطة (Regional Mesh) بدلًا من الاعتماد على مركز رئيسي واحد، أما المرونة، فتعني قدرة الشبكة على التكيف السريع مع متطلبات العمل الجديدة دون الحاجة إلى إعادة تصميم كاملة". وأضاف: "هنا يأتي دور الشبكات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. يمكن للذكاء الاصطناعي المدمج في مكونات الشبكة أن يديرها بكفاءة، ويتنبأ بالمشكلات المحتملة، ويحللها، ويقدم توصيات سريعة لفرق تكنولوجيا المعلومات". وأكد أن مفهوم الثقة الصفرية يجب تطبيقه على مستوى الشبكة الداخلية. لم يعد كافيًا تأمين المحيط الخارجي فقط. ويجب التحقق من هوية كل جهاز يتصل بالشبكة، سواء كان كاميرا مراقبة،حاسوب المدير التنفيذي، ماكينة صراف آلي. وأخيرًا، الحوسبة الطرفية تلعب دورًا حاسمًا في تحسين الأداء، فبدلًا من إرسال كل البيانات من فرع في أسوان إلى مركز البيانات الرئيسي، يمكن معالجة جزء من هذه البيانات محليًا في الفرع نفسه، مما يقلل من زمن الاستجابة ويحسن تجربة العميل".
​واتفق الخبراء على أن مستقبل البنية التحتية المصرفية في مصر والمنطقة يعتمد على تبني هذه التقنيات المتقدمة بشكل متكامل، لخلق نظام مالي ليس فقط فعالًا ومبتكرًا، بل أيضًا آمنًا ومرنًا وقادرًا على مواجهة تحديات الغد.
​يقام معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT 2025 في نسخته التاسعة والعشرين خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر، برعاية وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، تحت شعار "الذكاء الاصطناعي في كل مكان AI Everywhere"، بمركز مصر للمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة، بمشاركة أكثر من 500 عارض.
​ويجمع الحدث خمس فعاليات كبرى تشمل: PAFIX للمدفوعات الرقمية والشمول المالي، AIDC للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، Connecta للشباب والترفيه الرقمي، Innovation Arena للإبداع، وCyber Zone للأمن السيبراني، وتقام لأول مرة داخل موقعين بالمعرض.
​ويشارك في الحدث جهات حكومية ومؤسسات كبرى أبرزها: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، البنك المركزي المصري، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات NTRA، هيئة ITIDA، البريد المصري، الهيئة العربية للتصنيع، إضافة إلى جهاز مستقبل مصر ضيف الشرف.
 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق