في مشهد يعكس طموح مصر المتجدد لتكون قلب الطاقة في الشرق الأوسط وجسر العبور الكهربائي نحو القارة الأوروبية، تستعد القاهرة لخطوة جديدة نحو تعزيز حضورها الإقليمي من خلال مشروع الربط الكهربائي مع اليونان، الذي يُتوقع أن يصبح أحد أهم مشاريع الطاقة العابرة للحدود في المنطقة.
المشروع الذي يمتد من شواطئ المتوسط حتى قلب أوروبا، لا يمثل مجرد كابلات تمتد في البحر، بل هو مشروع استراتيجي يحمل رؤية لمستقبل طاقة نظيفة ومتكاملة، تربط الجنوب الغني بالموارد بالشمال الباحث عن الاستدامة.
شركة يونانية متخصصة ستبدأ تنفيذ الدراسات الاقتصادية للمشروع خلال ديسمبر
تسابق وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية الزمن لإنجاز الدراسات الاقتصادية الخاصة بمشروع الربط الكهربائي مع اليونان بحلول منتصف عام 2026، و أيضا شركة يونانية متخصصة ستبدأ تنفيذ الدراسات الاقتصادية للمشروع خلال ديسمبر المقبل، على أن تستغرق ما بين 6 إلى 8 أشهر تقريباً، يتبعها تشكيل لجنة مصرية–يونانية مشتركة لدراسة النتائج ووضع الخطط التنفيذية اللاحقة.
تكلفة الدراسات الفنية والاقتصادية تُقدر بنحو 20 مليون يورو
وأضاف مصادر، أن تكلفة الدراسات الفنية والاقتصادية تُقدر بنحو 20 مليون يورو، يتم تمويلها بالتساوي بين البلدين، فيما تسعى الشركة المصرية لنقل الكهرباء للحصول على منحة من إحدى الجهات المانحة لدعم تنفيذ هذه الدراسات.
وفي مطلع نوفمبر الجاري، أعلن بنك الاستثمار الأوروبي وعدد من البنوك اليونانية استعدادهم لتقديم التمويل اللازم لإنهاء الدراسات الخاصة بالمشروع، وذلك عقب لقاء وزير الكهرباء المصري الدكتور محمود عصمت برئيس مجموعة شركات "كوبولوزيس" المنفذة للمشروع، والذي يهدف إلى ربط الشبكتين المصرية والأوروبية عبر الأراضي اليونانية.
ربط الشبكتين المصرية والأوروبية عبر الأراضي اليونانية
وأشار المصدر إلى أن الانتهاء من الدراسات سيمهد الطريق لبدء مفاوضات تفصيلية حول مراحل التمويل وإنشاء البنية التحتية للكابلات البحرية والبرية التي ستمتد بين البلدين، على أن يتحمل كل طرف تكاليف الجزء المقام على أراضيه.
ويُتوقع أن تصل القدرة الإجمالية لمشروع الربط إلى نحو 3 غيغاواط، وهي الطاقة القصوى التي سيتم تبادلها بين الشبكتين، حيث ستوجه 70% من القدرات المنتجة إلى الأسواق الأوروبية التي تعاني من نقص في الإمدادات، بينما ستستفيد اليونان من النسبة المتبقية البالغة 30%.
وأكد المصدر أن تحديد الجدول الزمني للتنفيذ وحجم الاستثمارات النهائية سيتضح فور الانتهاء من الدراسات والتفاهم مع مؤسسات التمويل الدولية المشاركة في المشروع.
خطوة محورية نحو جعل مصر مركزاً إقليمياً لتبادل الطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا
كما شدد على أن المشروع يحظى باهتمام استراتيجي من الجانبين، إذ يُعد خطوة محورية نحو جعل مصر مركزاً إقليمياً لتبادل الطاقة في الشرق الأوسط وأفريقيا، كما أدرج الاتحاد الأوروبي المشروع ضمن قائمة مبادرات الربط الكهربائي التي سيتولى تمويلها خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن المشروع سيمكن مصر من استغلال فائض إنتاجها الكهربائي، خصوصاً في أشهر الشتاء التي ينخفض فيها الاستهلاك المحلي، حيث تصل الأحمال القصوى إلى نحو 28 ألف ميغاواط، في حين تتجاوز القدرات الإجمالية للشبكة 45 ألف ميغاواط.
واختتم المصدر تصريحاته بالتأكيد على أن المشروع لا يقتصر على التبادل الكهربائي فحسب، بل يسهم أيضاً في خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليل استهلاك الغاز والمازوت في محطات التوليد، مما يعزز أهداف مصر في التحول نحو الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية.













0 تعليق