الادعاء الإيطالي يحقق في "سياحة القناصة" خلال حرب البوسنة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فتحت النيابة العامة في مدينة ميلانو تحقيقًا غير مسبوق في مزاعم تفيد بأن مجموعات من الإيطاليين دفعوا أموالًا لجنود من صرب البوسنة مقابل السماح لهم بالمشاركة في إطلاق النار على المدنيين في العاصمة سراييفو خلال الحصار الذي شهدته المدينة بين عامي 1992 و1996.

وخلال تلك السنوات الأربع، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص في سراييفو نتيجة القصف العشوائي ونيران القناصة، في واحدة من أكثر فصول الحرب البوسنية دموية، عقب إعلان استقلال البلاد عن يوغوسلافيا السابقة، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.

وكان القناصة، الذين اعتلوا التلال المحيطة بالمدينة، يمثلون الرعب الأكبر لسكانها، إذ كانوا يستهدفون المارة، بينهم أطفال، دون تمييز، في مشهد وصفه الناجون بأنه أشبه بـ"لعبة صيد بشرية".

اتهامات بوجود "سياح حرب"

وبحسب التحقيق، فإن ما يعرف بـ"سياحة القناصة" شمل غربيين من إيطاليا ودول أوروبية أخرى، زُعم أنهم دفعوا مبالغ مالية لجنود من جيش رادوفان كاراديتش، زعيم صرب البوسنة الذي أُدين عام 2016 بالإبادة الجماعية، مقابل مرافقتهم إلى مواقع مرتفعة تطل على المدينة، لإطلاق النار على السكان من أجل "الترفيه".

وأطلق الادعاء الإيطالي تحقيقًا جنائيًا بتهمة القتل العمد بدوافع قاسية وغير إنسانية، في محاولة لتحديد هوية الإيطاليين المشتبه في تورطهم.

تحقيق بدأ من وثائقي

انطلقت القضية بعد أن قدم الكاتب الإيطالي إيزيو جافازيني شكوى رسمية مدعومة بالأدلة، إلى جانب تقرير من رئيسة بلدية سراييفو السابقة، بنيامينا كاريتش.

وقال جافازيني إنه بدأ بحثه بعد مشاهدته الفيلم الوثائقي "سفاري سراييفو" (2022) للمخرج السلوفيني ميران زوبانيتش، الذي تضمن شهادة جندي صربي سابق زعم أن "سياحًا من الغرب" شاركوا في إطلاق النار على المدنيين مقابل المال.

وأضاف جافازيني أن "التحقيق أظهر وجود عدد كبير من الإيطاليين وربما ألمان وفرنسيين وإنجليز، كانوا يسافرون إلى سراييفو عبر بلغراد، حيث كان جنود صرب البوسنة يرافقونهم إلى مواقع القنص".

شهادات صادمة

وأوضح الكاتب أن "المتورطين لم تكن لديهم دوافع سياسية أو دينية، بل سعوا وراء المتعة وإشباع رغباتهم في القتل"، مضيفًا أن بعضهم كان من هواة الأسلحة أو معتادي رحلات الصيد والسفاري.

وقالت المحامية نيكولا بريجيدا، التي شاركت في إعداد الملف القانوني، إن "الأدلة التي جمعها جافازيني على مدار سنوات كافية لبدء تحقيق جاد لتحديد المسؤولين".

رموز من ضحايا الحصار

لعل من أبرز ضحايا تلك المرحلة الزوجان بوسكو بركيتش وأدميرا إسميتش، اللذان قُتلا 1993 أثناء محاولتهما عبور جسر في سراييفو برصاص قناص، في حادثة وثقها فيلم "روميو وجولييت في سراييفو".

وأصبحت صورهما، وهما ممدان في منطقة محايدة لعدة أيام، رمزًا لوحشية الحرب وعشوائية القتل.

كما تحولت الطرق المؤدية إلى المدينة، خاصة شارع ميشا سليموفيتش، إلى ما عُرف بـ"زقاق القناصة"، حيث كانت المركبات تُستهدف بنيران القناصة يوميًا، وسط لافتات تحذيرية تحث المدنيين على الجري والانحناء أثناء العبور.

بداية كشف جديدة لمآسي التسعينيات

ووفقًا للجارديان، القضية، إن تأكدت تفاصيلها قد تكشف عن أحد أكثر الفصول ظلمة في حرب البوسنة، وتعيد إلى الأذهان كيف تحوّل الحصار إلى ما يشبه "سفاري للقتل"، كان فيه الموت مشهدًا يُشاهد من بعيد لاختبار دقة التصويب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق