تواصل شركة "مايكروسوفت" خطواتها في سباق الذكاء الاصطناعي، بعد تعديل جذري في علاقتها مع شركة "أوبن إيه"، الشريك الرئيسي في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل شات "جي بي تي"، بحسب وكالة "بلومبيرج".
وأشارت وكالة "بلومبيرج" إلى أن تلك الخطوة تمهّد لتحول استراتيجي يتيح لـ"مايكروسوفت" تطوير أنظمة أكثر تطورًا مما يُعرف بـ"الذكاء العام"، وصولًا إلى ما تصفه الشركة بـ "الذكاء الفائق"، القادر على تحقيق اختراقات علمية غير مسبوقة في الطب وعلوم المواد والطاقة.
الذكاء الفائق
ولفتت "بلومبيرج" لا تكتفي "مايكروسوفت" بالوصول إلى "الذكاء العام" (أي قدرة النظام على التفكير والتعلّم مثل الإنسان)، بل تسعى إلى إنشاء نماذج تتجاوز القدرات البشرية في التحليل والاكتشاف والإبداع.
وأوضحت الشركة، هو بناء أنظمة قادرة على تسريع التطور العلمي، والمساهمة في ابتكار مواد جديدة، وتحليل بيانات معقّدة يمكن أن تُحدث ثورة في مجالات الطب والتقنية والطاقة المستدامة.
واختارت "مايكروسوفت" مصطفى سليمان، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي في الشركة، لقيادة مبادرة "الذكاء الفائق" من خلال فريق جديد أُطلق عليه اسم "MAI Superintelligence Team"، يضم نخبة من علماء الحوسبة والذكاء الاصطناعي الذين عملوا سابقًا في "Google DeepMind" و"Inflection AI"، حيث يُعد سليمان أحد مؤسسيهما السابقين.
وقبل التعديلات الأخيرة، كانت اتفاقية مايكروسوفت مع OpenAI تمنعها من تطوير الذكاء العام (AGI) بشكل مستقل.
لكن وفقًا لما ذكرته Bloomberg، فإن الشروط الجديدة رفعت هذا القيد تمامًا، ما يتيح لمايكروسوفت متابعة مشاريعها الخاصة في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة حتى بعد وصول OpenAI إلى مرحلة الـ AGI.
وأوضحت "بلومبيرج" أن العلاقة بين الطرفين ستظل قائمة، إذ تمتلك "مايكروسوفت" حصة كبيرة في "OpenAI"، كما تواصل تشغيل نماذجها ضمن منصة Azure للحوسبة السحابية. غير أن التعديل يمنح مايكروسوفت حرية أكبر في رسم مسارها البحثي المستقل.
وتسعى شركة "مايكروسوفت" إلى تحقيق قفزة نوعية تجعلها المنافس الأول عالميًا في تكنولوجيا ما بعد الذكاء العام.
ويهدف المشروع الجديد إلى:
تسريع تطوير نماذج أكثر كفاءة وعمقًا في الفهم والاستنتاج.
تطبيق الذكاء الفائق في الطب الحيوي والطاقة النظيفة.
ابتكار أدوات علمية جديدة قادرة على إجراء أبحاث وتحليلات تتجاوز قدرة العلماء البشر.
وترى مايكروسوفت أن هذا الاتجاه سيجعلها في موقع ريادي أمام شركات مثل "Google DeepMind" و"Anthropic وMeta"، التي تتنافس بدورها لتطوير أنظمة ذكاء متقدمة.
تحديات أخلاقية وتنظيمية
رغم الطموح الكبير، يثير مفهوم «الذكاء الفائق» مخاوف أخلاقية وتنظيمية.
فإذا كانت أنظمة AGI تثير القلق بشأن السيطرة البشرية على الذكاء الاصطناعي، فإن الذكاء الفائق يوسّع هذه التساؤلات إلى مستوى أعمق:
هل يمكن للإنسان التحكم في نظام أكثر ذكاءً منه بمراحل؟
وكيف يمكن ضمان استخدامه في الأغراض الآمنة والبنّاءة فقط؟
تدرك مايكروسوفت هذه التحديات، وأشارت إلى أن نهجها في التطوير سيرتكز على السلامة والمسؤولية والحوكمة التقنية، بالتوازي مع الابتكار العلمي.
المنافسة تشتعل
تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه صناعة الذكاء الاصطناعي سباقًا محمومًا بين عمالقة التكنولوجيا؛ فشركة "Google" تستثمر مليارات الدولارات في "DeepMind"، بينما تعمل شركات ناشئة مثل "Anthropic" على تطوير نماذج بديلة لـ"ChatGPT".
أما مايكروسوفت، فرسّخت مكانتها كشركة رائدة بدمجها أدوات "OpenAI" في منتجاتها مثل "Copilot" و"Office" و"Bing"، وتسعى الآن لتجاوز ذلك نحو الجيل التالي من الذكاء.















0 تعليق