الإثنين 10/نوفمبر/2025 - 07:10 م 11/10/2025 7:10:52 PM
مارس المصريون، أمس، واجبهم الوطنى والدستورى فى المشاركة بالمرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب التى تستمر حتى اليوم. وقد شهد التصويت فى الانتخابات بالخارج إقبالًا من الجاليات المصرية فى الدول العربية والإفريقية والأوروبية بشكل لافت للأنظار. ويبقى اليوم هو الفرصة الأخيرة بالمرحلة الأولى أمام المصريين بالداخل لممارسة حقهم الدستورى وأداء الواجب الوطنى.
وتعد الانتخابات حجر الزاوية فى بناء أى نظام ديمقراطى سليم، والآلية الأسمى التى يمارس بها الشعب سيادته وحقه فى اختيار من يمثله ويصنع مستقبله. إن التوجه إلى صناديق الاقتراع ليس مجرد حق مكفول للفرد، بل هو واجب دستورى وأخلاقى ووطنى، لا ينبغى التغاضى عنه أو التخلى عنه. إن المشاركة الفعالة فى العملية الانتخابية هى مؤشر على نضج المجتمع ووعيه السياسى، وتعبير صادق عن الانتماء والمسئولية تجاه الوطن. والأساس الدستورى والشرعية السياسية فى كل الدساتير الحديثة تنص على حق المواطن فى الانتخاب والترشح وإبداء الرأى. ويذهب الدستور المصرى إلى أبعد من ذلك، حيث ينص صراحة على أن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى. وهذا النص الدستورى يضع المشاركة فى إطار الالتزام الأخلاقى والمسئولية القانونية. والصوت الانتخابى هو الأداة الدستورية التى يملكها الفرد للمساهمة فى تشكيل السلطات التشريعية ومراقبة الحكومة، وهو ما يضمن أن تكون هذه السلطات مستمدة من الإرادة الشعبية الحرة.
وعندما ترتفع نسبة المشاركة فى الانتخابات فإنها تضفى شرعية قوية على النتائج وعلى المؤسسات المنتخبة. وكلما زاد عدد المصوتين، زاد تمثيل الهيئات المنتخبة للإرادة العامة، وأصبحت قراراتها أكثر قبولًا وتأثيرًا فى المجتمع. وبذلك يتم تعزيز الاستقرار السياسى، ويحصّن النظام الديمقراطى من محاولات التشكيك أو الطعن فى شرعيته. وعلى النقيض من ذلك فإن تدنى نسب المشاركة يمكن أن يؤدى إلى تمثيل ضعيف، ويجعل صانعى القرار عرضة للانتقادات بأنهم لا يمثلون سوى جزء صغير من الشعب، ما يقوض الثقة فى العملية السياسية برمتها. إن التصويت فى الانتخابات هو تجديد لعهد المواطنة وتعبير عن الوفاء للوطن. فالمواطنة ليست مجرد الاستمتاع بالحقوق، بل هى أيضًا أداء للواجبات. وفى مقدمة هذه الواجبات تأتى مسئولية اختيار النواب الذين يقومون بالتشريع ومراقبة الحكومة. إن كل صوت يمثل قرارًا فرديًا يسهم فى تحديد المسار العام للدولة، سواء على المستوى الاقتصادى أو الاجتماعى. والامتناع عن التصويت هو فى حقيقة الأمر تنازل عن الحق وتخلى عن الواجب، فعدم المشاركة يعنى ترك القرار لعدد أقل من الأفراد، ما قد يسهم فى وصول أشخاص لا يمثلون مصالح الغالبية أو لا يحملون الكفاءة المطلوبة. الوطن لا يُبنى بالحياد أو السلبية، بل بالفعل والمبادرة الإيجابية، وعندما يدلى المواطن بصوته فهو يمارس سلطته فى المحاسبة والاختيار، ويحدد من يراه الأجدر فى المرحلة المقبلة، خاصة أمام التحديات التى تواجهها البلاد. والأمر يتطلب تضافر الجهود لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والإقليمية. وفوائد المشاركة للفرد والمجتمع تتجاوز فوائد المشاركة الانتخابية لمجرد اختيار نواب، لتشمل جوانب أعمق فى بناء الفرد والمجتمع. وهذا كله يرفع من مستوى الوعى السياسى للمواطن وقدرته على اتخاذ قرارات مستنيرة. والحقيقة أن المشاركة الكبيرة تضمن أن تكون جميع الفئات والشرائح الاجتماعية ممثلة بشكل عادل فى الهيئات المنتخبة، ما يساعد على سن قوانين وسياسات تخدم الجميع دون إقصاء. ويتيح التصويت للمواطن فرصة محاسبة من لم يلتزم بوعوده الانتخابية، ومنح الفرصة لمن يرى فيه القدرة على الأداء الأفضل. وهذا يرسخ مبدأ الرقابة الشعبية على السلطات.
إن صوتك أمانة ومستقبلك مسئوليتك من خلال المشاركة فى الانتخابات، والأمر ليس حديثًا عابرًا، بل هو عملية مستمرة من التعبير عن الذات والانتماء، وتجسيد لمبدأ سيادة الشعب. إنها الأمانة التى يجب أن يؤديها كل مواطن بمسئولية ووعى. فالمستقبل الذى نأمله لوطننا هو الاستقرار والرخاء والتقدم، ولن نبلغه إلا بحسن اختيار من يمثلنا، وتلك مسئولية تقع على عاتق كل ناخب.. لنكن على قدر هذه المسئولية، ولنؤدِ واجبنا الدستورى والوطنى بالتوجه إلى صناديق الاقتراع.










0 تعليق